رئيس التحرير : علي بن صالح الشمراني
صحيفة شمران الإخبارية

( الحصانة والغرور ) عبدالله بن مسفر الشمراني

62
+ = -

القيادة ليست مجرد منصب أو لقب، بل هي مسؤولية كبيرة تتطلب شخصية متوازنة وقوية. ومن أهم السمات التي يجب أن يتحلى بها القائد الناجح هي الحصانة النفسية، أي القدرة على التحكم في الذات والعواطف، والتعامل بحكمة مع النجاحات والإخفاقات. في غياب هذه الحصانة، قد يقع القائد في فخ الغرور، الذي يعد أحد أخطر العوامل التي تقوده إلى الفشل.
الحصانة النفسية تشير إلى قدرة القائد على التعامل مع الضغوط والتحديات بشكل سليم دون أن تتأثر ثقته بنفسه أو اتزانه. القائد الذي يتمتع بحصانة نفسية قوية قادر على اتخاذ قرارات مدروسة، والنظر إلى الأمور من زوايا متعددة، مما يجعله أكثر مرونة في مواجهة الصعوبات. بالإضافة إلى ذلك، تجعله هذه الحصانة متفتحاً على النقد البنَّاء وآراء الآخرين، وهو أمر أساسي للتطوير الشخصي والمؤسسي.
في المقابل، إذا لم يكن لدى القائد هذه الحصانة، فقد يصبح معرّضاً للغرور. مع مرور الوقت، قد يبدأ القائد في تصديق أن كل ما يقوم به أو يقوله هو الصواب، خاصة إذا كان محاطاً بأشخاص لا يختلفون معه في الرأي أو لا يعارضون قراراته. هذه البيئة السلبية تعزز الشعور بالحصانة الزائفة وتقلل من فرصة تحسين الأداء. الغرور قد يقود إلى قرارات خاطئة وتدهور في القيادة بسبب العمى عن الحقيقة وعدم القدرة على تقبل الخطأ أو الفشل.
أحد العوامل الأساسية التي قد تؤثر على حصانة القائد النفسية هو المحيط الذي يحيط به. إذا أحاط القائد نفسه بأشخاص يتفقون معه دائمًا ولا يعارضونه، فإنه يفقد فرصة التعلم والنمو. الأشخاص الذين يقدمون آراء مخالفة ويساهمون في تصحيح مسار القائد هم في الواقع مفتاح النجاح، لأنهم يمنحونه فرصة لتصحيح أخطائه وتحسين قراراته. القائد الذي يرفض الاستماع إلى الآراء المختلفة أو النقد البنّاء يفقد أحد أهم أدوات النمو الشخصي والمهني.
عندما يفتقر القائد إلى الحصانة النفسية ويبدأ في الوقوع في فخ الغرور، يصبح الأمر بمثابة امتحان حقيقي له. هذا الامتحان يتجلى في مدى قدرته على التعامل مع النجاح والسلطة دون أن ينجرف إلى الشعور بأنه معصوم من الخطأ. في هذه المرحلة، قد يشعر بأنه دائمًا على حق، وأن آراءه وقراراته لا تقبل التحدي أو النقد، مما يؤدي إلى عزله عن الواقع وعن فريقه.
تظهر هذه المرحلة كاختبار للقائد، لأنها تضعه في موقف يتطلب منه إما الاعتراف بأخطائه والتعلم منها، أو الاستمرار في تجاهل النقد والانجراف نحو المزيد من الغرور. إذا نجح في تجاوز هذا الامتحان من خلال التواضع والاستماع إلى آراء الآخرين، فإنه يصبح قائدًا أقوى وأكثر فعالية. أما إذا فشل في هذا الامتحان وواصل تجاهل التحذيرات والنقد، فإن هذا الغرور قد يتحول إلى كارثة.
الغرور المستمر يقود القائد إلى اتخاذ قرارات سيئة، حيث يفقد القدرة على تقييم الأمور بشكل موضوعي ويصبح معتمدًا فقط على آرائه الخاصة، دون الاستفادة من خبرات فريقه. هذا الغرور يعرض المؤسسة أو المشروع الذي يقوده للخطر، حيث تتراكم الأخطاء وتزداد الفجوة بين القائد وفريقه. وبالتالي، ما كان مجرد امتحان لقوة القيادة والاتزان النفسي، يتحول إلى كارثة قد تتسبب في انهيار المنظمة أو فشل المشروع.
الكارثة تحدث عندما يدرك القائد، ولكن بعد فوات الأوان، أن تجاهله للآراء المختلفة ورفضه للنقد البناء أدى إلى سلسلة من القرارات الخاطئة التي كان يمكن تجنبها لو استمع للآخرين وتعامل بتواضع. الغرور الذي ينشأ نتيجة ضعف الحصانة النفسية ليس مجرد مشكلة شخصية للقائد، بل قد يتحول إلى كارثة جماعية تؤثر على كل من يعمل تحت قيادته.
التواضع هو السلاح الأقوى في يد القائد للحفاظ على حصانته النفسية. عندما يدرك أنه بشر وقد يخطئ، فإنه يكون أكثر قدرة على تقبل النقد والعمل على تحسين أدائه. القائد المتواضع يعرف أن قوة الفريق تكمن في تنوع الآراء وتعدد الخبرات، وأنه ليس دائمًا على حق. بل هو جزء من فريق أكبر يسعى لتحقيق أهداف مشتركة.
يحافظ القائد على حصانته النفسية بالاستماع إلى النقد البناء بأن يكون منفتحًا على النقد والآراء المختلفة. هذا يساعده على تصحيح مساره وتجنب الوقوع في الغرور. التفكير النقدي بدلاً من الاعتماد على الآراء المتوافقة دائمًا، يجب أن يتبنى القائد التفكير النقدي ليقيم قراراته بشكل أكثر دقة. التحلي بالتواضع يجعل القائد أكثر قبولاً لآراء الآخرين وأقل عرضة للغرور. إحاطة النفس بأشخاص يتمتعون بالشفافية الذين لا يخشون التعبير عن آرائهم بصراحة يساعدون القائد على تحسين أدائه واتخاذ قرارات أفضل.
الحصانة النفسية هي عامل أساسي للقائد الناجح، فهي تحميه من الوقوع في فخ الغرور وتدفعه نحو التطوير المستمر. القائد الذي يفتقر إلى هذه الحصانة قد يجد نفسه مع مرور الوقت معزولًا عن الحقيقة، مما يؤثر سلبًا على أدائه وأداء الفريق. لذلك، من الضروري للقائد أن يحيط نفسه بأشخاص صادقين يقدمون آراء نقدية، وأن يتحلى بالتواضع والانفتاح على التحسين المستمر.

بقلم الكاتب/ عبدالله بن مسفر الشمراني _ الرياض

الوسم


أترك تعليق

Blue Captcha Image
Refresh

*

تابعنا على تويتر
مواليد شمران المزيد

غيم تمطر بالفرح بمنزل الأستاذ احمد بن عيد بن حزمي الشمراني

الزيارات :
مع هطول الامطار وتباشير الفرح فقد رزق الاستاذ احمد بن عيد بن حزمي الشمراني بمولودته التي احب ان يطلق عليها اسم ...

سعيد يضيء منزل الاستاذ / أحمد بن سعيد بن مسفر آل مقبول الشمراني

الزيارات :
رزق الاستاذ / أحمد بن سعيد بن ال مقبول الشمراني ( ال حارثية شمران) هذا اليوم بمولود جعله الله من مواليد السعادة ومن ...

المهندس محمدبن عايض بن محمد بن غرم الله الشمراني يرزق بمولوده جديدة

الزيارات :
رزق المهندس محمدبن عايض بن محمد بن غرم الله الشمراني ” ال حارثية شمران” بمولوده جديد اتفق هو وحرمه على تسميتها دانه ...

محمد يضيء منزل الأستاذ/مصلح بن محمد بن احمد الشمراني

الزيارات :
رزق الاستاذ مصلح بن محمد بن احمد(التليبي )الشمراني بمولود اطلق عليه اسم محمد مسمى على جده محمد بن احمد صحيفة شمران ...

الاستاذ مسفر بن سعيد ال حمدان الشمراني يرزق بمولود

الزيارات :
رزق الاستاذ مسفر بن سعيد ال حمدان الشمراني هذا اليوم بمولود جعله الله من مواليد السعادة ومن حفظة كتابه الكريم ...
انفوجرافيك المزيد
  • الزوار

    1916784
    Users Today : 1695
    This Month : 24757
    This Year : 535621
    Total Users : 1916784
    Views Today : 13356
    Total views : 31911832
    Who's Online : 15