عندما نتحدث عن عظمة الرجال ينبغي دائمًا أن نتذكر الدور الذي تلعبه النساء في خلق هذه العظمة. إنهن الأمهات اللواتي يعطين الحب والدعم والتوجيه اللازمين لأبنائهن ليصبحوا قادة وروادًا في مجتمعاتهم. تاريخيًا كان للأمهات دور كبير في تشكيل شخصيات العديد من الشخصيات العظيمة وهذا الدور يظهر بوضوح في حياة أم الإمام أحمد بن حنبل صفية بنت ميمون بنت عبد الملك الشيباني.
ولد الإمام أحمد بن حنبل في آخر القرن الثاني، وعاش في بيت فقير حيث مات والده وهو طفل صغير. كانت أمه صفية هي التي تولت مسؤولية تربيته وتعليمه وقد كانت نموذجًا للتضحية والتفاني في رعاية الأبناء.
قال الإمام أحمد: فحفظتني أمي القرآن وعمري عشر سنوات فحفظ كتاب الله واستوعاه في صدره مما يُظهر الجهد الذي بذلته أمه في تعليمه القرآن الكريم منذ الصغر.
وكانت صفية أيضًا تشجع ابنها على الاجتهاد في طلب العلم والتميز فيه، حيث أُخبر الإمام أحمد وهو في سن السادسة عشرة من عمره: اذهب في طلب الحديث، فإن السفر في طلب الحديث هجرة إلى الله الواحد الأحد .
وفي هذا السياق، ذكر الإمام أحمد أن أمه أعطته متاع السفر وهو عشرة أرغفة شعير ووضعت معها صرة ملح، وقالت له: إن الله إذا استُودع شيئاً لا يضيعه أبداً فأستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه مما يوضح الثقة الكبيرة التي كانت تثق بها أمه في قدراته وفي نجاحه.
بفضل دور أمه الكبير نشأ الإمام أحمد بن حنبل على القيم الإسلامية والتربية الصالحة التي ساعدته في أن يصبح إمامًا للدنيا والدين ومن أبرز العلماء في تاريخ الإسلام.
إنها قصة لا تُنسى عن الأم المثالية التي تربت على الإيمان والتقوى، وأعطت العالم شخصية عظيمة تتألق بإسهاماتها وعطاءاتها، وهكذا يظل دور الأمهات ركيزة أساسية في بناء الأجيال وخلق العظماء.
بقلم الكاتب/ عبدالله بن مسفر الشمراني _ الرياض