تبرز القصص القديمة والحكم المأثورة على شكل شعر أدبي لتذكرنا بخطورة البغي والغدر، وهما يظهران في مواقف مختلفة، بينما يجسدان قيماً متعارضة مع الأخلاق الصالحة والسلوكيات الإنسانية إلى صفات أقرب ما تكون إلى صفات بعض الحيوانات التي تتصف بها.
لا أدبٌ يفيد ولا أديب
حُكي عن الأصمعي قال: دخلتُ البادية فإذا أنا بعجوزٍ بين يديها شاة مقتولة وإلى جانبها جرو ذئب فقالت :أتدري ما هذا ؟، فقلت : لا قالت : هذا جرو ذئب أخذناه صغيراً وأدخلناه بيتنا وربيناه فلما كبر فعل بشاتي ما ترى وأنشدت:
بقرتَ شويهتي وفجعت قلبي ** وأنت لشاتنا إبنٌ ربيبُ
غذيت بدرِّها ونشأت معها ** فمَن أنباك أنّ أباك ذيب
إذا كان الطباعُ طباعَ سوءٍ ** فلا أدبٌ يفيد ولا أديب
الفائدة الأدبية من القصة تشير إلى أن جذور كل مصيبة تنبع من الأفعال الخبيثة والغير محسوبة مثل البغي والغدر. وبالتالي تُظهر هذة القصة كيف أن العلاقات الإنسانية تعتمد على الصدق والنزاهة وأن الخداع والغدر يمكن أن يدمر العلاقات حتى بين الأقرباء. وكما قال سفيان الثوري: وجدنا أصل كل عداوة اصطناع المعروف إلى اللئام.
مجيرُ أمِّ عامر
يحكى أن قوماً خرجوا للصيد فطردوا ضبعاً حتى لجأت إلى خباء أعرابي، فقالوا: أخرجها، فقال: ما كنتُ لأفعل، وقد استجارت بي، فانصرفوا. وقد كانت هزيلاً، فأحضر لها لقاحاً، وجعل يسقيها حتى عاشت، فبينما هو نائم إذ وثبت عليه فبقرت بطنه ومرت، وجاء ابن عم له يطلبه، فإذا هو بقير، فتبعها حتى قتلها ،وأنشد:
ومن يصنع المعروف في غير أهله ** يُلاقي الذي لاقى مجير أم عامر
أقام لها لما أناخت ببابه ** لتسمن ألبان اللقاح الدرائر
فأسمنها حتى إذا ما تمكنت ** فرته بأنياب لها وأظافر
فقل لذوى المعروف هذا جزاء مَن ** بدا يصنع المعروف مع غير شاكر
أم عامر : هي الضبع
الفائدة الأدبية من القصة الثانية تنطوي حول أهمية فهم طبيعة البشر والحيوانات، وضرورة التعامل بحذر وحكمة في العطاء والتسامح. وتظهر القصة كيف أن الخير الذي يقدم للآخرين قد يتم استغلاله بشكل سلبي، ويظهر أن الثقة العمياء ليست دائمًا الخيار الصحيح. بالإضافة إلى ذلك، تعكس القصة أهمية فهم الحياة والطبيعة وعدم التسرع في الحكم على الآخرين، مما يوفر درسًا قيمًا في التسامح والتفهم.
بقلم الكاتب/ عبدالله بن مسفر الشمراني – الرياض