بقلم/ د.خالد بن عبدالله الهزاع

في الثالث والعشرين من مارس من كل عام، تعزز المملكة العربية السعودية التزامها الراسخ بالتنمية المستدامة من خلال الاحتفاء باليوم السعودي للمسؤولية المجتمعية. هذه المناسبة السنوية هي تأكيد على الدور المحوري للمسؤولية الاجتماعية كمنهجية عمل أساسية للشركات السعودية، ومحفز استراتيجي لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.  إن تبني الشركات السعودية لمعايير المسؤولية الاجتماعية يمثل تحولاً من نموذج الإنفاق الخيري إلى استراتيجية استثمارية ذكية تحقق عوائد متبادلة القيمة.

في المشهد الاقتصادي المعاصر، لم يعد الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية مجرد واجب أخلاقي، بل أصبح ضرورة حتمية لتأمين النمو المستدام وتعزيز مكانة الشركات في السوق. هذا التحول يعكس إدراكاً متزايداً بأن النجاح المؤسسي الحقيقي يقاس بقدرة الشركات على تحقيق التوازن بين الأداء الاقتصادي، والاعتبارات البيئية، والاجتماعية،والحوكمة.

ان الشركات التي تتبنى معايير المسؤولية الاجتماعية ستجني سلسلة من العوائد الاستراتيجية الملموسة.            في مقدمتها، تعزيز السمعة المؤسسية وترسيخ الثقة بالعلامة التجارية لدى مختلف الأطراف المعنية. فالشركات التي تتبنى ممارسات مسؤولة يُنظر إليها بإيجابية من قبل العملاء والمستثمرين والجهات التنظيمية والمجتمع، مما يؤدي إلى تعزيز ولاء العملاء وجذب مستثمرين جدد وتعزيز القيمة السوقية للشركة.

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية إلى تعزيز جودة العلاقات مع أصحاب المصلحة، من خلال بناء جسور من الثقة والتعاون مع الموظفين والموردين والشركاء والمجتمعات التي تعمل بها الشركات، مما يساهم في خلق بيئة عمل محفزة وتعزيز الإنتاجية المستدامة.

 علاوة على ذلك، يساهم الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية في تعزيز إدارة المخاطر المؤسسية بكفاءة، من خلال التحديد المبكر ومعالجة القضايا البيئية والاجتماعية التي قد تؤثر سلباً على استمرارية العمليات التجارية والسمعة المؤسسية، وبالتالي حماية قيمة المساهمين على المدى الطويل.

وفي سياق رؤية المملكة 2030 الطموحة، تضطلع الشركات السعودية بدور قيادي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. فمن خلال تبني ممارسات المسؤولية الاجتماعية، تصبح الشركات شريكاً استراتيجياً في بناء اقتصاد وطني متنوع وقادر على المنافسة عالمياً، وتعزيز التنمية المجتمعية الشاملة التي تضمن رفاهية وازدهار جميع أفراد المجتمع.

إن اليوم السعودي للمسؤولية المجتمعية 2025 يمثل دعوة ملحة للقيادات المؤسسية لتجديد التزامها الراسخ بمعايير ومبادئ المسؤولية المجتمعية، والارتقاء من مجرد الامتثال للمعايير إلى تبني ثقافة الريادة في مجال المسؤولية الاجتماعية والابتكار المستدام. فالمستقبل يزخر بفرص استثنائية للمؤسسات والشركات التي تدمج المسؤولية الاجتماعية في صميم استراتيجياتها، وتسعى بإصرار لتحقيق قيمة مستدامة لأعمالها ومجتمعها على حد سواء، بما يتماشى مع طموحات مملكتنا نحو مستقبل أكثر ازدهاراً وتقدماً.