كشف البيت الأبيض في بيان أصدره، أمس الجمعة، ملامح إستراتيجية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الجديدة تجاه إيران، والتي تم إنجازها بالتشاور مع فريق الأمن القومي والكونغرس وحلفاء واشنطن، خلال الأشهر التسعة الماضية.
وتركز الملامح العامة للإستراتيجية على الحرس الثوري الإيراني وحشد تأييد المجتمع الدولي لإدانة أنشطته وانتهاكاته لحقوق الإنسان، إذ ستعمل إدارة ترامب على منع النظام الإيراني، وخاصة الحرس الثوري من تمويل الأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة، والتي تستنفذ ثروات الشعب الإيراني.
وأشار البيان إلى أن «الحرس الثوري الإيراني قوض جهود مكافحة داعش، كما استخدم الحوثيين وزودهم بالأسلحة من أجل استهداف الأبرياء».
كما ستعمل الولايات المتحدة على إعادة تنشيط تحالفاتها التقليدية مع شركائها الإقليميين، وإنشاء توازن أكثر استقرارا للقوى في المنطقة.
مواجهة التهديدات
وبحسب ملامح الإستراتيجية الجديدة، فإن واشنطن ستعمل على مواجهة التهديدات الموجهة لحلفائها في المنطقة، التي تشمل الصواريخ البالستية وغيرها.
ورغم انتقادها تركيز الإدارة الأمريكية السابقة على البرنامج النووي الإيراني، وإهمال باقي الأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة، فإن الإستراتيجية الجديدة تشدد على ضرورة منع النظام الإيراني من كل وسائل الحصول على السلاح النووي، وفقا لبيان البيت الأبيض.
وأوضح البيان أن الإدارة السابقة تجاهلت توسيع إيران لرقعة شبكاتها الإرهابية، التي استغلت ضعف بعض الدول المجاورة في لبنان وسوريا وزودت شبكاتها بأسلحة تدميرية بهدف السيطرة على الشرق الأوسط الكبير.
ويؤكد ترامب من خلال إستراتيجيته الجديدة على عدم التسامح مع رفض إيران تفتيش مواقع عسكرية وإخفائها منشآت نووية في الآونة الأخيرة، وذلك كون النظام الإيراني لم يلتزم بالاتفاق النووي وعمل على استغلال بعض الثغرات فيه لاختبار مدى صبر المجتمع الدولي على أنشطته العدائية.
كما يشدد على ضرورة تطبيق الاتفاق النووي بصرامة، وتطبيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلطات التفتيش التي تملكها بشكل كامل.
موقف ترامب
وانتقد الرئيس الأمريكي مرارا، منذ تولي مهامه، الاتفاق الذي «لا يتطابق مع المصلحة الوطنية لواشنطن»، معتبرا أنه أكثر سخاء مع إيران وأنه لن يمنعها من محاولة تطوير سلاح نووي، مهددا بإلغائه.
وانتقد ترامب فقرات تضمنها الاتفاق تنتهي بموجبها بعض القيود على برنامج إيران النووي مع مرور الوقت، مطالبا في الوقت نفسه، بتشديد اللهجة بخصوص الصواريخ الباليستية وعمليات التفتيش للمنشآت النووية.
ووقعت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي وإيران على الاتفاق الذي خفف العقوبات الاقتصادية على طهران، في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
اتفاق سيئ
ويعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إستراتيجيته بشأن إيران، خصوصا قراره حول الاتفاق النووي الخاص بالبرنامج النووي الإيراني، بحسب ما أفاد البيت الأبيض أمس الأول.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن ترامب «لن يضمن» مجددا أن الاتفاق يتطابق مع المصلحة الوطنية لواشنطن.
لكن مسؤولين أمريكيين شددوا على أن ذلك لا يعني النهاية الفورية للاتفاق، لأنه سيعود للكونجرس تقرير مسألة إعادة فرض عقوبات من عدمها على إيران.
ويأتي هذا في وقت كشف فيه مصدر في البيت الأبيض في واشنطن بأن وزير الخارجية ريكس تيلرسون أخبر الكونجرس أن ترامب لن يصادق على الاتفاق النووي مع إيران. فقد أبدى الرئيس الأمريكي مرة أخرى تبرمه من الاتفاق النووي مع إيران، ووصفه مجددا بأنه «اتفاق سيئ».
سحب القرار
ويبدوأن الرئيس الامريكي دونالد ترامب على وشك سحب إقراره بالتزام إيران بالاتفاق النووي الموقع بين إيران والقوى الكبرى لكن عبر آلية معقدة لا تعني بالضرورة وقف العمل به بشكل فوري.
ومن أجل الالتفاف على الكونجرس الأمريكي الذي كان يحتمل أن يُفشل الاتفاق، قررت إدارة الرئيس الديموقراطي آنذاك باراك اوباما «تعليق» هذه العقوبات بمرسوم من رئيس الولايات المتحدة على أن يتم تجديد التعليق بانتظام منذ ذلك الحين.
وإذا كان مصمما فعليا على «تمزيق» الاتفاق النووي كما توعد خلال حملته الانتخابية، يمكن ألا يجدد ترامب هذا التعليق او حتى أن يعلن بنفسه إعادة العقوبات.
ويحتمل أيضا أنه يستعد للجوء إلى إجراء آخر مرتبط أيضا بالقانون الأمريكي.
وبما أن «خطة العمل» ليست اتفاقية فإنها لم تعرض على الكونجرس للمصادقة عليها. وردا على ذلك، اعتمد البرلمانيون الأمريكيون قانونا أطلق عليه اسم «قانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني» الذي يلزم الرئيس بأن «يقر» كل 90 يوما أمام الكونجرس بأن إيران تحترم الاتفاق بشكل كامل وبشفافية. وليست مسؤولة عن انتهاكات مادية للنص. ولم تطور برنامجها النووي العسكري بهدف امتلاك السلاح الذري. واتفاق العام 2015 يبقى حيويا لمصلحة الولايات المتحدة وأمنها القومي.
وترامب -الذي يتهم طهران بانتهاك «روحية» الاتفاق بسبب دورها «المزعزع للاستقرار» في الشرق الأوسط- يعتبر أن النقطة الرابعة لا يتم احترامها. ويرتقب أن يلجأ لهذا السبب، أو أحد تلك الأسباب؛ لكي يفسر رفضه «إقرار» التزام إيران بالنص.