رحب الإستراتيجيون والخبراء في الشؤون السياسية بإستراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه إيران، مؤكدين لـ«اليوم» أن وصفه الاتفاق النووي الذي وقع في 2015 بأنه نظام متطرف يؤكد صحة مواقف المملكة وعدد من الدول العربية والإسلامية بضرورة التصدي للمخططات والمؤامرات الإيرانية التي تستهدف التغلغل في الوطن العربي وتمزيق وحدته عن طريق استخدام السلاح النووي.
حاضنة للإرهاب
ويقول نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، د.مختار غباشى: «إن الولايات المتحدة تدرك أن إيران من أكبر الدول الحاضنة والداعمة للإرهاب في العالم بجانب قطر؛ لذا فإن استمرار حصول الأولى على السلاح النووي يشكل خطرا داهما ليس على منطقة الشرق الأوسط فحسب وإنما على العالم كافة»، لافتا إلى أن إيران مزقت لبنان بزرع ميليشيا حزب الله باللعب على وتر المذاهب الدينية، وهو الأسلوب ذاته الذي تركز عليه في اليمن من أجل تدمير بلد عربي جديد، ولولا تصدي المملكة وعدد من الدول العربية والإسلامية لهذا المخطط الإيراني لوقعت اليمن في أيادي ميليشيا الحوثي التي تحصل على السلاح والمال من إيران، وأشار إلى أن معظم الصواريخ التي يطلقها الحوثيون باتجاه السعودية إيرانية الصنع.
في المقابل، أوضح الخبير في الشأن الإيراني بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، د.محمد عباس ناجي أن إيران تعمل سرا لإعداد برنامج تسليح نووي، وهو إخلال صريح للاتفاق الذي أبرمته مع الدول الغربية في 2015، لافتا إلى أن طهران تخطط من أعوام لامتلاك القوة النووية، مشيرا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رصد في خطابه الأخير بشأن إيران عددا من الملاحظات أبرزها أن الاتفاق النووي الذي وقعته إيران والدول الست (الصين وروسيا وأمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا) في 2015 بمدينة لوزان السويسرية يتضمن تساهلا كبيرا، إذ سمح لإيران بتجاوز كميات الماء الثقيل المحددة، كما أن طهران تثير الخوف لدى المفتشين الدوليين.
زراعة الموت
وشدد ناجي على أن الإدارة الأمريكية ترى في إيران دولة إرهابية وسيمكنها استخدام السلاح النووي من زرع الموت والدمار والفوضى، مشددا على أنها لا تلتزم «بروح الاتفاق» وتستفيد من مزايا رفع العقوبات الاقتصادية، ما يعني أن الرئيس ترامب تلقى تقارير تفيد بأن طهران تخفي أنشطة نووية مريبة.
من جانبه، قال المتخصص في الشأن الإيراني محمد محسن أبو النور: «إن إيران تتحايل على الاتفاق النووي لتدعيم برامجها الصاروخية الباليستية وهي نقطة خلاف كبير بين الإدارتين الأمريكية والإيرانية»، لافتا إلى وثيقة أفرج عنها جهاز المخابرات الألماني أخيرا، كشفت عن أن برلين حذرت طهران من خطورة الاستعانة بالمواد ذات الاستخدام المزدوج من أجل برنامجها لتكنولوجيا الصواريخ، كما نوه جهاز الأمن الداخلي الألماني «بى إف فى» بأن مبيعات تكنولوجيا معينة ما زالت غير قانونية على الرغم من رفع العقوبات بموجب الاتفاق النووي المبرم مع إيران بخصوص منع الانتشار النووي.
فيما يؤكد الخبير الإستراتيجي اللواء طلعت مسلم على أن الإستراتيجية الأمريكية وصفت الحرس الثوري بأنه الأداة والسلاح الرئيسيين في جعل ايران دولة مارقة سعت لتخريب النظام العالمي، واستخدام جماعات ومنظمات إرهابية في مقدمتها ما يعرف بـ«فيلق القدس» المكلف بالعمليات الخارجية، وقد ازدادت قوة عناصر ونفوذ الحرس ليصبح بعيداً عن محاسبة الشعب الإيراني، كما وضع يده على الاقتصاد الإيراني، وسعى لتقويض أمن واستقرار دول المنطقة.
مهاجمة المملكة
وأضاف مسلم: «إنه بحسب تقارير رسمية وصلت إلى ترامب فإن الحرس الثوري خطط لتقويض الحملة ضد تنظيم «داعش» الإرهابي بتمويل ميليشيا في سوريا والعراق وليبيا، كما استخدم الحوثيين لإخفاء دور طهران باستخدام الصواريخ المتطورة والسفن المفخخة لمهاجمة المدنيين الأبرياء في المملكة والإمارات، إضافة إلى تقييد حرية الملاحة في البحر الأحمر.
وأشار الخبير الإستراتيجي إلى أن أعداد الحرس الثوري الإيراني تقدر بنحو 125 ألفا، بينهم قوات أرضية ووحدات بحرية وجوية، ويمتلك سلطة الإشراف على أسلحة إيران الإستراتيجية، كما يسيطر الحرس أيضا على قوات المقاومة شبه النظامية (الباسيج) وهي قوة من المتطوعين قوامها حوالي 90 ألف رجل وامرأة، ولديها القدرة على حشد حوالي مليون متطوع عند الضرورة، ويسيطر الحرس أيضا على حوالي ثلث الاقتصاد الإيراني، وذلك من خلال بسط نفوذه على عدد من المؤسسات والصناديق الخيرية والشركات الفرعية.
وشدد طلعت مسلم على أن تهديد الرئيس الأمريكي بفرض عقوبات قاسية جديدة ضد الحرس الثوري الإيراني جاء بعد أن تأكد من ضلوعه في دعم الإرهاب وتمويل زعزعة استقرار وأمن عدد من الدول، ما يعني أن ترامب قريبا سيضع هذه المجموعة المارقة ضمن المنظمات الإرهابية، لافتا إلى أن الحرس الثوري استُهدف في وقت سابق بعقوبات قانونية ومالية فرضتها الولايات المتحدة بسبب البرنامج الباليستي لطهران واتهامها بانتهاك حقوق الإنسان.