بين تأجيل الانتخابات النيابية في لبنان ونيّة القوى السياسية بجدّية إجرائها، يطفو على السطح تساؤل حول السماح للناخبين بإعطاء أصواتهم إلى تلك الفئة المعتدلة التي تحمل شعار الدولة والمواطنة خارج الاصطفافات السياسية المتجسدة بثنائية «حزب الله» و«حركة أمل»، فهل سيعلو صوت الناخب الشيعي الباحث عن حياة أفضل في بلده والرافض جرّه في أتون الحروب وتعزيز وجود «حزب الله» وإرهابه لسكان الجنوب والبقاع، وسلاحه في لبنان والمنطقة؟.
ويرى مسؤولان سابقان في حديثهما لـ«اليوم» أن الساحة الانتخابية لن تترك خالية لصوت رصاص الحزب، بل سيخرج من قرى وبلدات الجنوب والبقاع عدد كبير من المرشحين للوقوف في وجه المشروع الإيراني لصالح «لبنان أولاً».
الدولة والمواطنة
ويجزم رئيس بلدية بعلبك السابق غالب ياغي بأن هناك مشاركة في الانتخابات القادمة، إلا أنه لم يتم الإعلان عنها بشكل رسمي بعد، إلا أنه هناك رغبة بالترشح، وقد يتم تشكيل لوائح انتخابية مع فرقاء آخرين بالطبع خارج الثنائية الشيعية وضمن توجهنا السياسي ذاته -أي الدولة والمواطنة-، إلا أننا لسنا متأكدين أن هناك جديّة لإجراء انتخابات في موعدها.
ويضيف ياغي: نحن نسعى إلى محاربة الفساد المستشري في السلطة والثنائية الشيعية من ضمن هذه الطبقة، ويختم: لا نريد الدخول في مجابهة مع حركة أمل وحزب الله؛ لأنها ستؤدي إلى تخويف الجماهير الشيعية.
من جهته، يلفت الوزير السابق محمد عبدالحميد بيضون إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في السلاح الموجود لدى «حركة أمل» و«حزب الله»؛ ما يمنع إجراء أي حملة انتخابية، فعلى سبيل المثال، إذا أراد أحد الأفراد استقبال أحد المرشحين من خارج «الثنائية الشيعية» يضغط عليه، وقد تصل الأمور إلى تفجير سيارته أو إذا كان موظفاً قد يتم نقله من وظيفته.
ويقول بيضون: «لا بد من الإشارة إلى تشديد حزب الله على اقتراع الناخب بمراكز للانتخاب في مسقط رأسه»، مبينا أن الناخب إذا تمكن من الاقتراع في بيروت وليس في بلدته الجنوبية أو البقاعية، فهذا يعني تمكن «الثنائية الشيعية» من الضغط عليه بسلاحها بجانب إمكانية تزوير الصناديق.
الإرهاب والسلاح
ويرى الوزير السابق أن الإرهاب والسلاح وإقفال المناطق أثناء الانتخابات وعدم السماح للناخبين بالانتخاب بحسب لوائح سكنه وليس من خلال لوائح مسقط رأسه، كل هذه العناصر تجعل من الانتخابات في الجنوب أو البقاع عبارة عن انتخابات مشتتة وعملية تزوير لإرادة الناخبين.
ويشدد بيضون على أنه لا توجد ديموقراطية في الانتخابات في لبنان، وقال: لهذا فلقد عزفت عن الترشيح منذ العام 2005، لأنني أيقنت أن الأجواء السائدة هي التزوير، لا يجب إعطاء الثنائية الشيعية الشرعية عبر انتخابهم، جازماً بأن الثنائية الشيعية موجودة بقوة السلاح وليس بقوة الديموقراطية.
وبشأن القانون النسبي، يعتبر الوزير بيضون أن قانون الانتخاب هو (مسلوق)، وأنجز بسرعة دون أي بعد وطني، مشيرا إلى أنه مفصلٌ طائفياً، وتابع: صحيح أنه قائم على النسبية إلا أنه مفصلٌ طائفياً؛ لكي تكون هنالك سيطرة داخل كل طائفة لتجمع معين.
ولام -في الختام- على الرئيس سعد الحريري لقبوله بهذا القانون، وقال: نحن كنا ضد قانون الستين؛ كونه كان طائفياً، وأتى هذا القانون طائفيا أكثر منه مع الأسف، إلا أنه لدى النسبية حسنات؛ كونها تسمح بتمثيل أوسع لكن اللعبة تكون داخل كل طائفة ولا يوجد هناك مرشحون على المستوى الوطني، فكل دائرة مفصلة على شاكلة كل طائفة.