أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح آل طالب,
المسلمين بتقوى الله عز وجل فهي خير وصية وأكرم سجية فهي وصية
الأنبياء، وحِليةُ الأصفياء، ونِعم الزاد عند اللقاء
( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ )
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام اليوم:
إن القيم مبادئ في الحياة ومظاهر في السلوك، وهي جزء من عقيدة
أي مجتمع، والفضيلة والأخلاق والمبادئ قيمٌ مطلقة في ديننا الحنيف،
تستمد أصولها من شريعتنا الغراء، فهي عقيدة وعبادة وتأصيلها وصيانتها
واجب شرعي على المربين والمصلحين, وقد تكاثرت النصوص في جانب
السلوك والأخلاق والقيم عامة وفي جانب الفضيلة خاصة وجعلها الله من
أسباب الفلاح، وجعل أهلها ورثة الفردوس الأعلى من الجنة.
وبيّن أن الحديث عن تزكية النفوس وتطهير الطباع وتنمية دواعي العفة والطهارة
ليست شعارات عاطفية أو كمالات خلقية بل هي أصل تماسك المجتمع وبنية
أساسٍ لبقائه ومقصد عظيم من مقاصد الشرع الحنيف، بل قرن الله الأمن والعفاف
في آية واحدة مع توحيده سبحانه في سورة الفرقان فأخلاق الإسلام ليست
رأياً بشرياً ولا نظاماً وضعياً، ولكنها ربانية المصدر، عبادية المقصد، يراد بها وجه الله ورضوانه،
تملك على المسلم قلبه فيدفعه إليها إيمانه، وهي ثابتة كاملة لا تتردد مع الأهواء،
فيها الأسوة والقدوة ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )
وفيها الاقتداء والاهتداء ( أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ).
وأشار الشيخ آل طالب, إلى أن من فضل الله تعالى على هذه الأمة المحمدية
أنها تمسكت بدين ربها والتزمت شرعته مع تطاول القرون وعوادي الزمان، وتوارثت
قيمَه ومبادئه وتربت عليه الأجيال وتميزت به أمة الإسلام، ومن سنة الله في خلقه
أن يعتريهم الضعف والنقص ما بين فترة وأخرى، إلا أن تسارع التغير ومقدار التأثر في
هذه الأزمان المتأخرة لم يعد خافياً على أدنى متأمل.
وأكد فضيلته, أن التغير والتغيير سمة بشرية ومظهر من مظاهر الحياة، وهو مفهوم
محايد لوصف حالة التبدل، فلا يمدح ولا يذم إلا بحسب موضوعه وهدفه.
فتغيير الخطأ للصواب، والفساد إلى الصلاح، والشر إلى الخير، والضعف إلى القوة،
والفشل إلى النجاح، كل ذلك مطلوب ومحمود, لكن الفتنة والبلاء حين يبدل الحق بالباطل،
والمعروف بالمنكر، والفضيلة إلى ضدها, وقد قص الله تعالى في كتابه حال أمة قبلنا
لتكون عبرة لنا، فقال سبحانه
( سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ),
فبين الله تعالى مراحل هذا التبديل لنعمة الله وأوضح مظاهره في أخلاق القوم ومسالكهم
ليجتنب المسلمون المزالق التي هوت بغيرهم، لأن الأمم لاتُنكَبُ جزافا ولكنها قوانين
الله وسننه التي يخضع لها الأولون والآخِرون.