بعد انتهاء معارك الغزو الغربي الغاشم والذي قادته امريكا على افغانستان ومن بعده العراق وبعد تحقيق الانتصار المضني وبعد اكتشاف الثمن الباهض الذي قدمه
الغرب والمتمثل في الخسائر الاقتصادية والخسائر البشرية والعتاد وصل قادة الغرب الى قناعة انه يجب عليهم تغيير وسائلهم مع الابقاء على اهدافهم وغاياتهم وقرروا التحول من المواجهات
المباشرة الى استخدام الاسلوب الغير مباشر وذلك من خلال انتهاج مخططين خبيثين وهما:
١ . زرع الفوضى والنزاع والصراعات في داخل المجتمعات المتفككة او المحتقنة اجتماعياً وسياسياً وحكوماتها موقفها ضعيف مثل
مصر وسوريا واليمن .
٢ . التوريط في حرب استنزاف مدمرة للطرفين وذلك بالنسبة للمجتمعات المتماسكة والحكومات الصلبة كالسعودية وروسيا من خلال تحريض ودفع بعض ذيولهم بالمنطقة للقيام ببعض الاعمال العدائية
والاستفزازية مثل الحوثي ضد السعودية او كما حصل في أوكرانيا ضد روسيا وبالمناسبة هو نفس السيناريو المعد والمتوقع لتايوان ضد الصين (قريباً) . نعم هي حروب استنزاف يقف خلفها ويديرها الغرب واعتقد ان هذا النهج الغربي التخريبي هو من رحم السياسة البريطانية بعد ان فشل اسلوب المواجهة الارعن (الكاوبوي) الامريكي والكل يعلم مدى الخبث البريطاني في اشعال النار في الداخل بين عرقيات الدولة الواحدة
او بين الدول المتجاورة واهدافهم القضاء على اي قوى صاعدة قد تنافسهم وللسيطرة على الثروات وسرقتها بتدمير الدول واضعافها ولعل بعد المائة يوم الاولى من عمر الحرب الروسية الاوكرانية بدأت تتكشف بعض الحقائق وبعض الاساليب ومن خلفها الايادي
المجرمة التي تدير هذة الحروب على دول العالم وشعوبها وبدأ يظهر للعيان وكأن الكمين الذي وقع فيه الروس اليوم كان يراد للسعودية ان تقع فيه قبل ثمانية اعوام ولكن الفرق يكمن في حكمة التعامل للحكومة السعودية مع الحوثي ومع الازمة اليمنية حيث انها اختارات السيطرة على الاجواء والمنافذ البرية والبحرية ومحاصرة الانقلابيين الحوثة من خلال عمليات (عاصفة الحزم )لمنع اي تدخلات خارجية او امداد مع الاقتصار على ضربات عسكرية نوعية دون اقحام الجيش السعودي ومعداته داخل الاراضي اليمنية والتحرك في شكل تحالف عربي يحمي الشرعية مع تدريب وتعزيز قطاعات من جيش الشرعية اليمنية على ارض يمنية مع العمل مع الامم المتحدة على الجانب الانساني والاغاثي في اليمن وتفعيل عمليات ( اعادة الامل).
على عكس الروس الذين فضلوا الاندفاع والدفع بجميع قواتهم الى داخل الاراضي الاوكرانية منفردين لاحتلال الارض والمدن ومحاولة فرض وجودهم كمحتل على الارض
هناك مما جعلهم صيد سهل وساهم في رفع فاتورة خسائر الحرب بين جنودهم واسلحتهم
العسكرية وكذلك عدم حرص الروس على التواصل مع الجانب الاممي لعمليات الاغاثة وتفعيل الجانب الانساني في مساعدة الشعب الاوكراني المنكوب وبحسبة بسيطة عن الخسائر والمكاسب ومقارنة الجانب السعودي بالجانب الروسي نجد ان القيادة السعودية ومن خلال حرب النفس الطويل وعدم الدخول بشكل كلي حققت اهدافها في السيطرة على الجغرافيا في اليمن جواً وبراً و بحراً وكسبت اغلب الفرقاء اليمنيين سياسياً وكذلك كسبت احترام وتفهم المجتمع الدولي لاسبابها ودوافعها في حماية حدودها وحماية الدولة اليمنية من الفشل و التبعية لايران.
بينما خسائر الجيش الروسي وباعتراف الروس انفسهم تعدت المتوقع بشكل كارثي فأعداد
القتلى بين الجنود الروس في تزايد وسقوط الطائرات والدبابات الروسية مستمر بوتيرة عالية والخناق بدأ يضيق عليهم فوق الاراضي الاوكرانية وبمساعدة الغرب لاوكرانيا بالسلاح والمصورات الجوية والتقنيات الاستخباراتية
والدعم السياسي والاعلامي الصارخ وكذلك الشجب والاستنكار من المجتمع الدولي على العمليات العسكرية الروسية في اوكرانيا فجميع هذة العوامل قد تقود الى هزيمة روسيا في خلال فترة بسيطة بسبب استعجالها واستخدام جميع قوتها واوراقها وبسبب دخولها الى ارض المعركة والتي هي معدة
مسبقاً بفعل فاعل (الغرب) وهنا فقط تظهر حكمة وذكاء القيادة السعودية والتي فهمت أصول اللعبة وادركت خبث اللاعب الغربي وخيانة الذيول في المنطقة فاختارت سياسة النفس الطويل وابقاء اليد على الزناد وادارت المعركة بكل اقتدار لتحقيق المكاسب على المدى البعيد باقل الخسائر البشرية والعسكرية في اليمن والسعودية واليوم موقفهم أقوى على الساحة اليمنية وعلى الساحة الدولية في الوقت الذي يعاني بوتين وجيش الروس من تبعات سقوطهم في وحل الحرب الشاملة وكمين الاستنزاف والتفتيت بانتظار هزيمة بدأت ملامحها بالتشكل والظهور.

بقلم الكاتب/ مصلح احمد ال صقران الشمراني
محافظة جدة