في الحياة اليومية، نتعامل مع أشخاص مختلفين ونواجه مواقف متنوعة، مما يجعل فهم الطبائع والسلوكيات البشرية أمرًا ضروريًا.
يقال: “أبحث عن أصل الأشياء وماضيها، حتى لا يصدمك مستقبلها، فمهما كبر وعي الإنسان وازدادت ثقافته وتحضره، تجره الطباع التي اعتاد عليها إليها.. فلا تهمل تاريخ الشخص الذي تتعامل معه، لا تتوقع من نبتة الصبار أن تثمر لك التفاح”.
يعبر ذلك عن أهمية معرفة خلفيات الأشخاص وأشياء لفهم سلوكياتهم وتوقعاتهم المستقبلية. كما يشير إلى أن الطبائع التي اكتسبها الشخص خلال حياته ستظل تؤثر على تصرفاته مهما تغيرت ظروفه أو زاد وعيه.
وفي سياق مماثل، يقال: “في كثير من المواقف والأحداث والمشاكل الظاهر ليس دائماً صحيحاً، والصحيح ليس دائماً ظاهراً”.
يشير هذا الكلام إلى أن الظاهر ليس دائمًا يعكس الحقيقة، وأن الحقائق قد تكون مخفية تحت السطح. هذا يتطلب منا التروي والتفكير العميق قبل إصدار الأحكام. المواقف والأحداث قد تكون خادعة، وما يبدو صحيحًا قد يكون بعيدًا عن الواقع، وما هو صحيح قد يكون مخفيًا وغير مرئي.
عندما نتحدث عن المشاعر والتجارب الشخصية، يقال: “شخص لم يمر بما مررت به لن يشعر بما تشعر به وسيعتقد أنك تبالغ أو تكذب”. يعبر هذا الكلام عن أن الشخص الذي لم يمر بتجاربك لن يشعر بما تشعر به، وقد يعتقد أنك تبالغ أو تكذب. هذا يعود إلى الفجوة في التجارب الشخصية التي تجعل من الصعب على البعض التعاطف الكامل مع الآخرين. فهم مشاعر الآخرين يتطلب تجربة مماثلة أو على الأقل قدرة عالية على التعاطف.
وبالنسبة للأشخاص اللئيمين، فإنه يقال: “اللئيم مهما أعطيته وأكرمته وتعاطفت معه يظل لئيماً، يكفر بالعشير وينكر الجميل” وهذا يشير إلى أن اللئيم سيبقى لئيماً مهما قدمت له من كرم وتعاطف. إنكار الجميل وعدم التقدير هما سمات متجذرة في طبيعتهم، ولا يمكن تغييرها بسهولة. لذا، فإن معرفة طبيعة الشخص والتعامل معه على هذا الأساس أمر ضروري لتجنب خيبات الأمل.
علاوة على ذلك، يقال: “سيكفر بما تقول مهما كنت محق وهين ولين، من يكرهك أو لا يهضمك أو يؤمن بقناعته فقط”. يعبر هذا الكلام عن أن هناك أشخاصًا لن يقبلوا وجهة نظرك أو يصدقوا ما تقوله مهما كنت محقًا ولطيفًا في التعبير. إذا كان هؤلاء الأشخاص يكرهونك أو لا يتقبلونك أو يتمسكون بقناعاتهم فقط، فإنهم سيرفضون رأيك بغض النظر عن صحته. هذا يعكس تأثير التحيزات الشخصية والمشاعر على قدرتنا على تقبل آراء الآخرين.
وفي النهاية، يقال: “التنازلات والتضحيات والعطاءات والإيثار والصبر (الدائمة) تحسب ضدك وليست لك والخسارة فيها مؤكدة بنسبة 100%”. ذلك يعبر عن أن التنازلات والتضحيات المستمرة، عندما تكون دائمة وغير متبادلة، تُعتبر نقاط ضعف وتُحسب ضدك. فالإيثار والصبر الدائمين دون مقابل قد يؤديان إلى استغلالك أو تقليل قيمتك من قبل الآخرين، مما يجعل الخسارة في هذه الحالات شبه مؤكدة. لذا، التوازن والاعتدال في العطاء والتضحية مهمان لضمان عدم استغلالك أو استنزافك.
توضح هذه النصوص السابقة مجتمعة أهمية فهم طبائع الناس وسلوكياتهم عند التعامل معهم. فالتجارب الشخصية، والتوازن في العطاء، والوعي بالتحيزات، كلها عوامل تؤثر على كيفية فهمنا وتفاعلنا مع الآخرين. إن إدراك هذه الجوانب يمكن أن يساعدنا في بناء علاقات أكثر صحة وتجنب الخيبات والصدمات المستقبلية.
بقلم الكاتب/ عبدالله بن مسفر الشمراني الرياض