في عالم القيادة المليء بالتحديات والضغوط، يحتاج القائد إلى مجموعة من المهارات التي تمكّنه من الصمود وتحقيق النجاح. من بين هذه المهارات، ما ذكرته في المقال السابق وهي “الحصانة النفسية” وهي تجسيد لمفهوم “التوازن النفسي” كعامل أساسي للحفاظ على توازن الشخصية القيادية. ومع ذلك، قد يُثار تساؤل حول استخدام مصطلح “الحصانة النفسية”، كما أشار أحد الفضلاء لي في ملاحظته على المقال السابق بعنوان: “الحصانة والغرور”.
قد يجد البعض صعوبة في تقبل هذا المصطلح على الفور، لكن ما أقصده بمصطلح “الحصانة النفسية” هو القدرة على حماية النفس من التأثر المفرط بالنجاحات أو الإخفاقات، مما يساهم في اتخاذ قرارات مدروسة ومتزنة.
التوازن النفسي هو القدرة على التحكم في العواطف والتعامل مع التحديات والضغوط بشكل واعٍ ومتزن. إنه يمنح القائد القوة لتجاوز النجاحات والإخفاقات دون أن يفقد البوصلة. ببساطة، هو الدرع الذي يحميه من الانجراف نحو الغرور أو الانهيار تحت وطأة الفشل.
غياب التوازن النفسي يجعل القائد عرضة للغرور، وهو شعور مفرط بالثقة بالنفس يضعف قدرته على رؤية الحقائق. القائد المغرور يميل إلى رفض النقد والانغلاق على نفسه، مما يعزله عن فريقه ويضعه في مواقف تتسم بالقرارات الخاطئة. على العكس، القائد المتوازن نفسيًا يدرك قيمة النقد البناء ويفهم أن التواضع والانفتاح هما مفتاح النجاح.
التوازن النفسي ليس مجرد مهارة إضافية؛ إنه حاجة أساسية لأي قائد. القيادة تتطلب رؤية واضحة وحكمًا سليمًا، وهما أمران يصعب تحقيقهما إذا كان القائد يتأرجح بين الثقة الزائدة وانعدام الثقة.
القائد المتوازن نفسيًا يتميز بالمرونة والقدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة. كما أن لديه تواضعًا يجعله قادرًا على الاعتراف بالأخطاء والتعلم منها. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع القائد المتوازن بالصمود أمام الضغوط، مما يمكنه من اتخاذ قرارات مدروسة بعيدًا عن التأثيرات العاطفية. في المقابل، القائد الذي يفتقر إلى هذا التوازن يتسم برفض النقد، واتخاذ قرارات متهورة، وفقدان ثقة فريقه.
لكي يعزز القائد توازنه النفسي، يجب أن يتحلى بالتواضع، ويُدرك أن القيادة مسؤولية وليست تفوقًا دائمًا. كما ينبغي له الاستماع إلى وجهات النظر المختلفة والانفتاح على آراء الفريق لتوسيع أفقه. بالإضافة إلى ذلك، يجب على القائد أن يمارس التفكير النقدي، ويُتخذ القرارات بناءً على المعطيات لا العواطف. وإحاطة نفسه بأشخاص صادقين يقدمون له النقد البنّاء يعزز من قدرته على التحسن والنمو.
التوازن النفسي هو المفتاح الذي يضمن للقائد النجاح بعيدًا عن الغرور. إنه السلاح الذي يجعله قادرًا على التعامل مع النجاحات بحكمة والإخفاقات بثبات. القيادة ليست فقط في التحكم بالآخرين، بل هي أولًا وأخيرًا في السيطرة على الذات.
القائد المتوازن، الذي يتسم بالتواضع والانفتاح على النقد، يخلق بيئة قيادية صحية تنعكس إيجابيًا على الفريق بأكمله.
بقلم الكاتب/ عبدالله بن مسفر الشمراني – الرياض