رئيس التحرير : علي بن صالح الشمراني
صحيفة شمران الإخبارية

( من سار على الدرب سقط ) للكاتب/ عبدالله بن مسفر الشمراني

40
+ = -

قالوا لنا: (من سار على الدرب وصل) لكنهم لم يخبروننا عن “القصة الكاملة”. من سار على الدرب سقط وحزن ثم نهض، تعثر وتألم ثم اعتدل، ثم قاوم ووقف واستمر، ثم خُذل وتوقف ثم انطلق، وتأرجح وحاول أن يتزن بعد أن مال على الحافة، تخطى كل المطبات وتجاوز كل المخاطر، لأن سلاحه كان حسن الظن بالله وعزيمته أن الله معه حتى وصل بتوفيقه.
قالوا لنا: (من جدّ وجد) لكنهم لم يخبرونا عن “القصة الكاملة”. من جدّ، لم يجد على الفور. بل مر بمراحل طويلة من الصبر والمثابرة. بدأ بخطوة، ثم واجه عثرات، تأخر وتقدم، سقط وأخطأ. أحيانًا كان يشكك في قدراته، ويخاف أن لا يصل. ساعات طويلة من العمل دون نتائج فورية، ليالٍ من القلق والتفكير، وأيام من الإحباط.
ثم، بعد كل هذا، تأتي اللحظة التي يظن فيها أن التعب لا طائل منه، لكن الله يمنحه شعاعًا من النجاح ليذكّره أن لكل مجتهد نصيب، وإن تأخر ذلك النصيب. ولأنه لم يستسلم في منتصف الطريق، ولم يسمح للشك أن يبتلعه، وجد ما سعى لأجله، وأدرك أن المشوار هو الذي صقله، وأن الصعوبات التي واجهها كانت جزءًا من القصة، القصة التي لم تخبرنا إياها تلك الجملة البسيطة.
قالوا لنا: (اصبر على الرزق يناله الصابرون) لكنهم لم يخبرونا عن “القصة الكاملة”. اصبر على الرزق، ولكن لا تنسَ أن السعي شاق. يمر عليك زمن تتعب وتكدح دون نتائج تُذكر، تشعر أن الطريق ضبابي، تفقد الأمل، وتتساءل: هل سيأتي اليوم الذي أثمر فيه تعبي؟ تنهض كل يوم بثقل على كتفيك، أحيانًا تشعر بأن كل باب مغلق، وكل جهد ضائع. ومع ذلك، لا تملك إلا الصبر والمحاولة، ليس لأنك واثق من النهاية، بل لأنك مؤمن بأن الله لا يضيع أجر العاملين.
وتمر الأيام، وأنت بين اليأس والرجاء، حتى يأتي ذلك اليوم، الذي يفتح فيه الله لك أبواب الرزق من حيث لم تحتسب. تدرك حينها أن الرزق ليس فقط مالًا، بل هو راحة بال ورضا وقناعة. وتعلم أن تلك الرحلة الطويلة لم تكن عبثًا، بل كانت لإعداد قلبك وعقلك لاستقبال النعمة بكل امتنان وحكمة.
قالوا لنا: (التحديات تصنع الأبطال) لكنهم لم يخبرونا عن “القصة كاملة”. التحديات ليست مجرد مواقف نمر بها ونخرج منها أقوى. في الحقيقة، التحديات تقسو على النفس، تهز الثقة، وتترك الإنسان في أحيان كثيرة يتساءل إن كان قادرًا على المواصلة. تبدأ الرحلة بحماس، ثم سرعان ما يواجه الإنسان تلك العقبات التي لم يكن يتوقعها: خسارة، خيبة أمل، انتكاسات متكررة.
يتعلم الإنسان في كل مرة ينهض من سقوطه أن البطل ليس هو الذي لا يسقط، بل هو الذي يعرف كيف يقف مجددًا بعد كل مرة يُهزم فيها. قد تمر عليه لحظات ضعف، وربما يرغب في التراجع، لكنه يستمر، ليس لأنه لا يشعر بالخوف أو الإحباط، بل لأنه يؤمن أن كل خطوة تحمل درسًا، وكل تحدٍ يصقله ليصبح أقوى وأكثر استعدادًا لما هو قادم.
وهكذا، تصنع التحديات الأبطال ليس عبر الانتصارات السريعة، بل عبر الصمود في وجه الرياح العاتية، والتعلم من الألم، حتى يصلوا في النهاية إلى قمة لم يكن الوصول إليها لولا تلك الرحلة الشاقة.
قالوا لنا: (الأمل يصنع المعجزات) لكنهم لم يخبرونا عن “القصة الكاملة”. الأمل ليس شعورًا سهلًا دائمًا، ولا يأتي من دون صراع. في البداية، تشعر أن الأمل هو كل ما تحتاجه، لكنه لا يصمد وحده أمام ضربات الواقع المتتالية. تأتي الأيام الصعبة، وتحاول أن تتشبث بذلك الأمل، لكن أحيانًا يضعف ويتلاشى في ظل الظروف القاسية، وفي لحظات الألم، تشعر أن الأمل مجرد وهم.
لكن القصة لا تنتهي هنا. ففي عمق اليأس، تجد في نفسك شعلة صغيرة لم تنطفئ تمامًا، حتى عندما تشعر بأن الأبواب مغلقة. هذه الشعلة هي التي تدفعك للقيام مجددًا، للمحاولة مرة أخرى، رغم كل الإحباطات. تتعلم حينها أن الأمل ليس مجرد انتظار للمعجزات، بل هو قرار شجاع بالاستمرار، حتى وإن بدا الطريق غير واضح.
وما إن تواصل، رغم كل الصعاب، حتى ترى بوادر التغيير تلوح في الأفق، فتدرك حينها أن الأمل لم يكن يومًا مجرد شعور، بل كان طاقة داخلية، وقوة تجعل المستحيل ممكنًا، وتمنحك القدرة على تحويل الألم إلى إنجازات. هكذا يصنع الأمل المعجزات، ولكن فقط لمن يصر على عدم التخلي عنه.
قالوا لنا الكثير، لكنهم لم يخبرونا بالأكثر، والكثير الكثير، لم يخبرونا بقصة كاملة. قالوا لنا أن النجاح يأتي بالصبر، لكنهم لم يخبرونا أن الصبر أحيانًا يكون أصعب مما نتصور، وأنه في بعض الليالي يختبر قدرتنا على التحمل إلى أقصى الحدود. قالوا لنا أن العمل الجاد يُكافأ، لكنهم لم يذكروا كم مرة قد نعمل دون أن نرى أي نتيجة، أو كيف أن الجهد الذي نبذله قد يضيع أحيانًا في طريق غير متوقع.
قالوا لنا أن الفرح يأتي بعد الحزن، لكنهم لم يذكروا أن الحزن قد يأخذ منا وقتًا أطول مما نظن، وأن الانتظار ثقيل جدًا على القلوب المثقلة بالهموم. قالوا أن الأحلام تتحقق، لكنهم لم يخبرونا عن تلك الأحلام التي علينا التخلي عنها في منتصف الطريق، وعن الأحلام التي تغير مسارها دون سابق إنذار.
والكثير الكثير مما لم يخبرونا به: كيف نعيد بناء أنفسنا بعد كل خيبة، كيف ننهض حين يثقلنا الفشل، وكيف نواصل الطريق حتى عندما تبدو النهاية بعيدة جدًا. لم يخبرونا أن الحياة ليست طريقًا واحدًا، بل هي سلسلة من الانعطافات والطرق الملتوية، وأن الوصول ليس دائمًا كما تصورناه في البداية.
تلك هي “القصة الكاملة” التي لا تُقال بصراحة، لكن نعيشها نحن، ونتعلمها بأنفسنا في رحلتنا الطويلة.

بقلم الكاتب/ عبدالله بن مسفر الشمراني _ الرياض

الوسم


أترك تعليق

Blue Captcha Image
Refresh

*

تابعنا على تويتر
مواليد شمران المزيد

عبدالله يضيء منزل الدكتور /خلف بن عبدالله ال خليفة الشمراني

الزيارات :
عبدالله يضيء منزل الدكتور/ خلف بن عبدالله آل خليفة الشمراني رزق الدكتور/ خلف بن عبدالله بن خلف آل خليفة الشمراني ( ...

غيم تمطر بالفرح بمنزل الأستاذ احمد بن عيد بن حزمي الشمراني

الزيارات :
مع هطول الامطار وتباشير الفرح فقد رزق الاستاذ احمد بن عيد بن حزمي الشمراني بمولودته التي احب ان يطلق عليها اسم ...

سعيد يضيء منزل الاستاذ / أحمد بن سعيد بن مسفر آل مقبول الشمراني

الزيارات :
رزق الاستاذ / أحمد بن سعيد بن ال مقبول الشمراني ( ال حارثية شمران) هذا اليوم بمولود جعله الله من مواليد السعادة ومن ...

المهندس محمدبن عايض بن محمد بن غرم الله الشمراني يرزق بمولوده جديدة

الزيارات :
رزق المهندس محمدبن عايض بن محمد بن غرم الله الشمراني ” ال حارثية شمران” بمولوده جديد اتفق هو وحرمه على تسميتها دانه ...

محمد يضيء منزل الأستاذ/مصلح بن محمد بن احمد الشمراني

الزيارات :
رزق الاستاذ مصلح بن محمد بن احمد(التليبي )الشمراني بمولود اطلق عليه اسم محمد مسمى على جده محمد بن احمد صحيفة شمران ...
انفوجرافيك المزيد
  • الزوار

    1941595
    Users Today : 1882
    This Month : 49568
    This Year : 560432
    Total Users : 1941595
    Views Today : 24664
    Total views : 32231191
    Who's Online : 92