بقلم د. خالد بن عبدالله آل هزاع الشمراني
في الثاني والعشرين من فبراير، تحتفل المملكة العربية السعودية بيومٍ استثنائيّ، يومٍ تتجلى فيه أَمجادُ الماضي وتُضيءُ دروبَ المستقبل. إنه يوم التأسيس، ذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود، وتوحيدها على يد الملك عبد العزيز – طيب الله ثراهما -. هذا اليوم ليس مجرد احتفالٍ بتاريخٍ عريق، بل هو نبعُ إلهامٍ يستمدُّ منه قادةُ المؤسسات والشركات رؤىً ثاقبةً ومبادئ راسخة، تسهمُ في بناءِ حاضرٍ مُزدهِرٍ ومستقبلٍ واعدٍ، وتُعززُ من مسيرةِ التنميةِ وفقَ رؤيةِ المملكة 2030.
في هذا اليوم الأغرّ، نستحضرُ إرثَ القيادةِ الرشيدةِ التي لم تكن مجرّد إدارةٍ للشؤون، بل رسالةً ساميةً، وإرادةً صلبةً، وعزيمةً لا تلين، سخّرت كلَّ الطاقاتِ لِبناءِ وطنٍ شامخٍ وأُمّةٍ مُزدهرة. يومُ التأسيسِ يُذكّرُنا بقيمٍ أصيلةٍ تُشكّلُ مفاتيحَ النجاحِ في مسيرةِ التنميةِ وتُسهمُ في تحقيقِ المستهدفات. يوم التأسيس يقدم للمسؤولين نبراساً يهتدون به، ويفتح آفاقًا رحبة من الإلهام، ويمنح كنوزًا ثمينة من الدروس والعبر، لتوجه مسيرة المنظمات نحو القمم، وتحقق أرفع الغايات، وتسهم بفاعلية في نهضة الوطن وتنميته.
لقد بُنيت الدولةُ السعوديةُ على قيمِ العدلِ والإحسان، والنزاهةِ والأمانة، وهي قيمٌ تُشكّلُ ركيزةً أساسيةً في ثقافةِ المؤسساتِ والشركات في عالمنا المعاصر وتُعزّزُ من مصداقيتِها وتنافسيتِها على المستوى العالمي، بما يتوافقُ مع رؤية المملكة التي تؤكدُ على أهميةِ بناءِ مجتمعٍ حيويٍّ وقيمٍ إسلاميةٍ أصيلة. وهو ما يجعلنا نحرص بأن لا تكون القيم مجرد كلمات ندونها في سجلات منظماتنا من اجل تقديمها للحصول على شهادات الجودة والتميز المؤسسي.
ورغم الصعوبات والتحديات التي واجهها الجيل المؤسس للدولة في مسيرتهم التأسيسية، لكن إيمانهم برسالتهم، وعزيمتهم الصلبة، وصبرهم الجميل، جعلتهم يتجاوزون كل العقبات، ويحققون أهدافهم بكل اقتدار. وفي عالم المؤسسات والشركات، يتجلى هذا الدرس في تجسيد قيم الإصرار والعزيمة، والصبر والمثابرة، والتفاؤل والأمل، في مواجهة التحديات والصعوبات، وفي السعي الدؤوب نحو تحقيق الأهداف، وفي تجاوز الفشل المؤقت، والتعلم من الأخطاء، والانطلاق من جديد بقوة أكبر. ان الإصرار والصبر ليسا مجرد صفات، بل هما وقود دافع للنجاح، وسر التغلب على كل الظروف، ومفتاح الوصول إلى القمم المنيعة. كما رسم الملك عبدالعزيز ببصيرته النافذة رؤية متكاملة لدولة عصرية قوية، تتجاوز حدود الحاضر لترتقب آفاق المستقبل، فإن على كل مسؤول اليوم أن يرتقي بفكره، ويحلق بخياله، ليرى المستقبل بعين البصيرة، ويحدد رؤية استراتيجية لمؤسسته، تكون كالشعاع الذي يضيء الدروب، وكالبوصلة التي توجه الخطى، وكالقوة الدافعة التي تحرك العزائم. الرؤية الواضحة ليست مجرد شعار، بل هي خريطة طريق متكاملة، تشتمل على أهداف ذكية، وخطط عملية محكمة، ومؤشرات أداء واضحة، تمكن المؤسسة من التقدم بخطى واثقة نحو القمة.
لقد شجّعَ الملكُ عبد العزيز – رحمه الله – الحوارَ وتبادلَ الآراء، وهو ما يُشكّلُ أحدَ أهمِّ عناصرِ النجاحِ في بيئةِ العملِ والمجتمع، ويُسهمُ في تحقيقِ التكاملِ والتعاونِ المنشودِ في رؤيةِ 2030.
وحرصَ الملكُ عبد العزيز – رحمه الله – على تحقيقِ التوازنِ بينَ مصلحةِ الدولةِ والمجتمع، والالتزامِ بالمبادئِ الأخلاقية، وهو ما يُشكّلُ نهجًا أساسيًا في رؤية مملكتنا التي تسعى إلى تحقيقِ التنميةِ المستدامةِ والمتكاملة.
يومُ التأسيسِ هو فرصةٌ لِتجديدِ العهدِ مع قيمِ القيادةِ الرشيدةِ، والتأكيدِ على أهميةِ تطبيقِها في مسيرةِ التنميةِ والمُضي قدمًا نحوَ تحقيقِ أهدافِ رؤيةِ المملكة 2030. فلنعمل معًا بإخلاصٍ وتفانٍ ومسؤوليةٍ اجتماعية، لِبناءِ مستقبلٍ واعدٍ لِوطننا الغالي.