ليتنا في هذا الزمن العصيب الذي يبحث فيه كل إنسان عن ذاته في وسط تلاطم الأمواج بنا يمنة ويسرة أقول ليتنا نتعلم ثقافة الخلاف والإختلاف فكلنا يردد مقولة (إن الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية)وهي مقولة جميلة يجب أن نعلم أن لها اسس اقوى منها ومن ذلك موقف نبينا وقدوتنا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وموقفه في كثير من الأحداث التي مرت به ومنها مخاطبته للمشركين بمنتهى التواضع والموضوعية قائلاً {وإنّا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين}إنه منهج تربوي عظيم، يصوغ شخصية الإنسان على أساس احترام الآخرين رغم علمه وتيقنه عليه السلام بأنهم على خطأ وفي ظلال مبين
ومن الشواهد كذلك قول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه علي : (( أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما ))
وجميل ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله: إن رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.
فالاعتدال والوسطية هو المنهج السليم، فلا يكون الإنسان متطرفاً ولا متشنجاً حاداً في مواقفه مع الآخرين،
والتعصب المطلق للرأي، والحدية والتشنج تجاه آراء الآخرين، يمنع الإنسان من الانفتاح على الرأي الآخر، واستماعه والاطلاع عليه، وربما كان هو الرأي الصحيح والصائب. ثم أن ذلك قد يجعل الإنسان في موقف محرج مستقبلا إذا تبين له خطأ رأيه
فاجعل من نفسك ميزانا تقيس به دائما
فأنت حينما تعادي فلانا لأنه يخالفك في هذا الرأي أو ذاك، فهل ترضى أن يعاديك الآخرون على هذا الأساس؟ إنك لا تقبل أن يسيء إليك أحد لأنك تحمل رأياً معيناً، حيث تعتبر ذلك شأناً خاصاً بك، وتعتقد بأحقية رأيك، وعليك أن تعرف أن الآخرين يرون لأنفسهم ما ترى لنفسك ،اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك، فأحبب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره لهم ما تكره لها .