في ليلة استثنائية قل نظيرها تألق – كعادته – رجل الأعمال سعد عبد الغني (أبو مهند) وإخوانه النجوم الخمسة محمد وعبدالله وعبدالرحمن وعلي وجابر ليكتملوا بدرا في سماء الوفاء لأبناء قبيلتهم … أبناء عمومتهم؛ كيف لا وهم يرسمون أجمل لوحة تكريم للأشاوس الثلاثة المحتفى بهم، الأولية: مسفر بن مستور آل رائد، و عبدالله بن سعد آل رائد، و محمد بن عبدالرحمن آل مقبول! كيف لا وهم يزفون للوطن قيادات وطنية نوعية أنجبتها البشائر، جمعت البر والبحر والجو في صعيد واحد!

هذه ليست مادة خبرية، إنما خلجات نفسٍ وانطباعات أزعم أن كل من حضر التكريم البهيج ليلة البارحة شعر بأنه يشارك آل عبد الغني تلك الحفاوة. حُقّ لشمران هذا المساء أن تختال بفرسانها في “ديوان التكريم” ، وما بين علامتي التنصيص اسم أطلقه الشاعر الصديق حنش بن سفير في قصيدة من عيون الشعر صدح بها في ليلة وفاء؛ ليشير إلى النهج الذي رسمه رجل الأعمال الشيخ مسفر بن عوضة حين حوّل تلك الواحة الغناء إلى ديوان تكريم لرجالات هذا الوطن من أبناء القبيلة.

قصائد عرضة وأهازيج وشيلات ونظم ونثر لا تملك مع كل مقطوعة إلا الانتشاء طرباً؛ لتصطف الصفوف وتتمايل السيوف، على إيقاعات العرضة الجنوبية وألحان الشيلات التي رسمت لوحة وطن في تنوعها، لكن يأبى الشاعر الدكتور علي بن مسفر إلا أن يأخذنا بعيدا في رحلة تراثية عبر التاريخ إلى العصر الجاهلي ليعيد إلى الأذهان (حومل وسقط اللوى)، مكانان وردا في معلقة الملك امرئ القيس ليوظفهما ابن مسفر أجمل توظيف في قصيدة غاية في الجمال من بدع ورد، لا تملك حيالها إلا المبالغة في الإنصات؛ فالصمت في حرم الجمال جمالُ! لا فض فوك أبا فيصل!

ومن المنطقة الشرقية، من ضفاف الخليج، يتهادى إلى الأسماع صوتان لا يكتمل جمال المساء بدونهما: الشاعر عبدالرحمن بن جروان والشاعر عائض بن محمد في (شيلات) قام الحضور لها وشهدوا بحسنها عمليا عبر صفوف وسيوف، وكذا الحال مع صوت (الشفا والشفاء) الشاعر مسفر بن شنيف الذي شنّف الآذان بجوهرة من جواهر الشعر؛ ليكتمل بهذا عقد الأصوات الأخاذة التي عانقت الغمام تيها!

وتأبى عراقة خثعم إلا أن يكون لها سهم في هذا التكريم حيث يقدم الشاعر بن عيدان الخثعمي قصيدة جزلة ختمها بتوقيع (بيت) أجزم أنه ستردده الأجيال كثيرا (كن ما في الديرة إلا شمارينا). ولا ننسى الشعراء زهير بن مداوس وعلي بن زهير وعلى بن مدعش فقد أبدعوا وقدموا لآلئ شعرية، ليكملوا وهج الأمسية بنظم متميز لفظا ومعنى.

بقي أن أنقلَ ما شعر به الجميع وهو أننا في ضيافة آل عبد الغني وكرمهم كنّا كلنا محل حفاوتهم، حتى ليخيّل إليك أن التكريم لكل من حضر؛ ولا غرابة فالكرم لهم سجية وطبع، وهكذا هي أسرة آل رائد سجايا حميدة كريمة تتوارثها الأجيال؛ يصدق فيهم قول زهير بن أبي سلمى: ” تراهُ إذا ما جئته متهللاً”، ويصدق فيهم قول حاتم الطائي: ” أضاحكُ ضيفي قبل إنزال رحلهِ”، ويصدق فيهم قول حسان بن ثابت: “بيض الوجوه كريمة أحسابهم، شمّ الأنوف من الطراز الأولِ”، ويليق بهم أمدح بيت قالته العرب: “أندى العالمين بطون راحِ”، لجرير بن عطية الخطفي.

خاتمة: شكرا أبا مهند هذه الليلة الاستثنائية … وشكرا أبا علي أن جعلت للتكريم ديوانا وإيوانا … وهكذا فليكن التكريم.

د. حسن بن محمد الشمراني

جامعة الملك سعود/ الجامعة السعودية الإلكترونية