عندما تعود بي الذاكرة الى بدايات حياتي العملية قبل ٤٥ عاما
ترافقها على الفور ذكريات الهجرة عن قريتي
والصعوبات التي واجهتني للتأقلم مع حياة الغربة والفراق
لم يخطر لي يوما في مراهقتي وبدايات شبابي
انني ساتنقل بين منطقة واخرى واتحول في عملي من مكان لمكان
كانت يوما غربة بلا رفيق وآخرى رفيق غربة بلا مسئولية وثالثة وحشة بلا أنيس
ذلك كله اوقع على اعباء لم يكن لي عليها سند ولا معين
اكتشفت يوما ان هناك صديق صدوق
هو الملجأ لي من التشتت الذهني والفراغ العاطفي والانشغال بما لا يفيد ،
انه الكتاب
صار الكتاب لي صديقا وقائدا اخرجني من وحشتي الى احضان قصص الحب والخيال والمثاليات وابداع المبدعين
ادخلني عالم آخر
هو عالم المكتبات وبسطات المكتبات وموزعيها
أخذني الى (مكتبة المؤيد) بالطايف
وجمعني فيها بعالم علامة لم اكن احلم بمقابلة مثله
.جمعني بوزير يمني كان يتردد على مكتبة المؤيد كلما جاء للسعودية
وهو الشيخ محمد احمد الشامي
كان اذا رآني شجعني و عدد لي كتبا ويوصيني بمطالعتها كتب أدب ودين وتاريخ ومعاجم ودواوين وقصص وروايات
وكان صاحب المكتبة لا يمانع في ان ابقى في المكتبة اطالع واستمع للشيخ اذا قابلته
سألني الشيخ يوما سؤالا احرجني قال: انا اريد ان ازور مكتبتك ووالدك ،
ظنا منه انني من بيوتات الطايف وعليتها
فتشاغلت عن الاجابة
حتى لا اسقط من عينيه و نظره
ثم اغتنمت فرصة انشغاله و غادرت المكتبة
فلم اقابله بعدها الا قليلا .
ووفقه الله فلم يكرر طلبه
تلك كانت من اجمل ذكرياتي التي فرطت في الاستفادة منها
فالشيخ كان سيضع يدي على امهات الكتب وأكثرها فائدة
لكن قدر الله وما شاء فعل