ابتسامة هرمة ..
الكاتبة / فاطمة روزي
منذ أن رأيتُ الصورة وقلبي يرشق زفرات آهاتٍ تشق الصدر بجمر ملتهب، وأدمت عيني بماء كالمهل، وبدأ شريط الذكريات يدق ناقوس العَسَف لأعود للوراء قليلاً ليحكي سقاء شطط السنين ..؟!
أرثي حال تلك الطفلة البريئة التي امتلأت مقلتيها بغيثٍ مدرار كانت فوق السحاب عائمة، ورحيق قيثارة الحبور غائبة عنها، تتأجج عينيها حمرة ملتهبة من طغيان يصدح في كل حين، أواهٌ يا صغيرتي على ما حل بك من أعاصير هوجاء تقتات على غصونك اللينة المزهرة، لم ترحم حالك تلك المعارك القذرة، أرجوحة مأساة مع الأيام، وغدر من الدهور تحلق نحوك من جميع الاتجاهات، لتسرق منكِ سيمفونية الأمان، ومحراب السعادة، ثم تنثر قلاع من البؤس، وبساتين من الفقر، فلا يبقى لكِ سوى صدر السماء الرحيمة، وحضن أرض دافئة ..
أعلم كم هو شعورك يتأجج وجعاً لا ينطفئ، وقروحاً لا تندمل، أصبحتِ تنظرين لتلك العدسة وبداخلك سراديب مخاض يكاد أن ينطق بكل لغات العالم، هل تستمرين بفيضٍ ممطر من النحيب، أم ترسمين ابتسامة هرمة على طُهر قلبك الرحيب..؟ حيث أُسدلتْ ستائر أيقونة الوصب على وجهكِ اللطيف، يطوف معك طائر زمهرير الوجع، فأصبحتِ كعجوز شمطاء في زمن الغابرين وأنتِ ما زلتِ حمل وديع ..
نعم قد تبتسمين ولكن خلف تلك الابتسامة حكايات غصة أيامٍ عجاف، روايات مهلهلة وُضعتْ بذرتها في التراب منذ أعوام وأشعلتْ خلفها ترانيم الأنين، حتى باتت جدائل الأمنيات قابعة في قمقم الرق، ورداء الأحلام معلقة على أسوار بابل، كؤوس الآمال محلقة بين خيوط الشروق النائمة في كهف سحيق، وبين غيهب الذي يسكن الروح التي تفيض بالجروح، لا تحزني قريباً بأمر الخالق سينجلي بركان الأوجاع وزلازل الأتراح، ثم تضمد الجراح، وتحلق الروح خفاقةً ببلابل الأفراح ..
همسة :
ليس كل من يبتسم سعيد .. قد تكون خلف تلك الإبتسامة جرح عتيد ..!!