أكد الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، بمناسبة إقرار ميزانية العام 2022، أن رحلة التحول الاقتصادي التي تتبناها حكومة المملكة مستمرة في تحقيق المنجزات والمستهدفات وفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ ، وجاءت الميزانية تأكيداً للنتائج المتحققة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية الهادفة إلى تعزيز النمو الاقتصادي والاستدامة المالية معاً نحو مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.
وأوضح سموه، أن الحكومة تلتزم في ميزانية 2022م بحجم الإنفاق المخطط له على المدى المتوسط والذي سبق إعلانه خلال العام الماضي ، كما أننا نتوقع تحقيق فوائض في الميزانية للعام المالي 2022م، وذلك باستكمال العمل على تطوير عملية التخطيط المالي ورفع كفاءة الإنفاق بالإضافة إلى تطوير مصادر متنوعة وأكثر استقراراً للإيرادات الحكومية ، مما يدعم مستهدفات برنامج الاستدامة المالية الذي يسعى إلى استكمال المسيرة نحو تعزيز الاستقرار الاقتصادي والاستدامة على المدى المتوسط والطويل.
وقال في تصريح صحفي عقب الإعلان عن الميزانية العامة للدولة للسنة المالية 1443 / 1444 هـ ( 2022م ) : ” إن النتائج والمؤشرات المالية والاقتصادية تؤكد أننا نتقدم بشكل إيجابي، حيث تأتي ميزانية العام القادم وسط مناخ عالمي يتسم بالتحديات الكبيرة في ظل تداعيات جائحة ( كوفيد 19 )، والطموحات الكبيرة محلياً ، ولكن في إطار منضبط مالياً يركز على كفاءة وفاعلية توجيه الإنفاق الحكومي واستخدام الموارد المتاحة بما يحقق أفضل عائد منها ، مع الحفاظ على الاستقرار المالي كركيزة أساسية للنمو المستدام.
وأكد سمو ولي العهد، أن التعافي الاقتصادي والمبادرات وسياسات الضبط المالي وتطوير إدارة المالية العامة وكفاءتها ساهمت في الاستمرار في خفض العجز في الميزانية ، مع المحافظة على تحقيق المستهدفات الرئيسية للرؤية ، ويتوقع أن يبلغ العجز في عام 2021 م ، نحو 7ر2 % من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 2ر11 % في عام 2020م ، المتأثر بالجائحة. في حين نتوقع تحقيق فوائض مالية قد تتجاوز 5ر2 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022م ، حيث ستستخدم هذه الفوائض لزيادة الاحتياطيات الحكومية لمواجهة احتياجات جائحة كورونا، وتقوية المركز المالي للمملكة ، ورفع قدراتها على مواجهة الصدمات والأزمات العالمية.
وأوضح سموه، أن الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية التي يتم تطبيقها منذ انطلاق رؤية المملكة 2030 ساهمت في تقليل الآثار السلبية المرتبطة بالجائحة. فقد حققت المملكة حتى نهاية الربع الثالث من عام 2021 م معدلات مرتفعة في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للقطاع غير النفطي بلغت نحو 4ر5 % مدفوعاً بنمو القطاع الخاص بحوالي 7 % ، وشاهدنا انعكاس ذلك على نمو العديد من الأنشطة الاقتصادية والقطاعات المختلفة بشكل كبير عادت بعضها إلى مستويات ما قبل الجائحة ، كما صاحب ذلك النمو انخفاض في معدلات البطالة بين المواطنين من 6ر12 % في نهاية العام الماضي إلى 3ر11 % في منتصف العام نتيجة زيادة فرص العمل المتاحة أمام المواطنين.
كما أكد سموه، أن دور المواطن اليوم أصبح محورياً في التنمية الاقتصادية فهو يساهم مباشرة في تحقيق الإنجازات في مختلف المجالات والقطاعات الواعدة، بالإضافة إلى زيادة مشاركة المرأة التي تمثل مشاركتها قوة إيجابية للمجتمع.
وأشار سمو ولي العهد، إلى تركيز رؤية المملكة 2030 على مرحلة تحقيق وتعميق الأثر وإشراك القطاع الخاص في رحلة التحول لإحداث نقلة نوعية في مختلف القطاعات، فقد حققنا تقدماً في تنفيذ عدد من البرامج التي سوف تسهم في التقدم والتطوير في المجالات المختلفة، وتنويع الاقتصاد، ورفع مستوى جودة الحياة، وتطوير القطاعات المساهمة في الاقتصاد، موضحاً سموه أن مراجعة وتحديث الاستراتيجيات والبرامج والمبادرات والإجراءات تتم بصفة دورية للتأكد من فاعليتها وتصحيح مسارها كلما دعت الحاجة إلى ذلك وبما يحقق أهداف رؤية المملكة 2030.
وأكد سموه، أهمية دور القطاع الخاص شريكاً رئيسياً وحيوياً في التنمية، وأن الحكومة بالإضافة إلى مجالات الإنفاق عموماً، تقوم بتنفيذ عدد من المبادرات الرئيسة التي ستساهم في تعزيز دور القطاع الخاص، حيث ستساهم الاستراتيجية الوطنية للاستثمار وبرنامج شريك بالإضافة إلى برنامج صندوق الاستثمارات العامة في إتاحة فرص كبيرة أمام مشاركة المستثمرين في العديد من القطاعات وفي المناطق المختلفة داخل المملكة، ومن المخطط أن يبلغ الإنفاق الإجمالي في المملكة 27 تريليون ريال إلى عام 2030م شاملاً استثمارات صندوق الاستثمارات العامة والقطاع الخاص والإنفاق الحكومي والاستهلاك الخاص، ويدعم ذلك أيضاً الإصلاحات المستمرة التي تقوم بها الحكومة في مجال تطوير مناخ الأعمال وتهيئة بيئة جاذبة للمستثمرين للمساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي.
وتناول سموه، دور المرحلة الثانية من برامج تحقيق الرؤية في النقلة النوعية للاقتصاد السعودي وتحقيق ما يتطلع إليه المواطنون من تحسين ورفع جودة الخدمات وفرص الاستثمار وزيادة فرص التوظيف، بما في ذلك برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية وبرنامج التحول الوطني وبرنامج تطوير القطاع المالي وبرنامج تنمية القدرات البشرية وبرنامج جودة الحياة وبرنامج الإسكان ومساهمته في رفع مستويات تملك المواطنين للسكن.
كما نوه سمو ولي العهد، بمستهدفات برنامج صندوق الاستثمارات العامة في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 لكونه الذراع الاستثماري المحلي والخارجي المساهم في تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل، والذي يدعم ويكمل الجهود التي تقوم بها الحكومة لتنويع الاقتصاد، وساهم في تحقيق أثر وإنجازات واضحة على الصعيدين المحلي والعالمي سعياً لتحقيق طموحاته على المدى المتوسط، ومنها؛ مساهمة الصندوق وشركاته التابعة في الناتج المحلي غير النفطي، ورفع نسبة المحتوى المحلي في استثماراته والشركات التابعة له بما يصل إلى 60%. وتجدر الإشارة إلى أن الصندوق استثمر محلياً خلال العام الحالي ما يزيد عن 84 مليار ريال ويخطط لاستثمارات محلية إضافية تزيد عن 150 مليار ريال للعام 2022م ويصل إجمالي استثمارات الصندوق المحلية إلى ثلاثة تريليونات ريال حتى العام 2030م، مقارنة باستثمار محلي في عام 2016م يبلغ 2ر11 مليار ريال.
وعرّج سموه على الدور المهم الذي يقوم به صندوق التنمية الوطني والصناديق والبنوك التنموية التابعة له عبر البرامج والمبادرات الداعمة للأنشطة والقطاعات الاقتصادية المختلفة وزيادة تنافسيتها وذلك بتوفير التمويل اللازم للمؤسسات والشركات الوطنية، بما في ذلك المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الدور الذي تقوم به لدعم نمو الناتج المحلي غير النفطي وخلق مزيد من الوظائف في الاقتصاد.
وفي ختام تصريحه أشار سموه، إلى أن نجاح الحكومة في التصدي للجائحة والحد من آثارها الاقتصادية والاجتماعية يثبت قوة اقتصاد المملكة في مواجهة التحديات الطارئة، وأنها تعمل على دعم الدول الشقيقة والمنظمات الدولية في جهودها لمواجهة الأزمة.
وأكد سمو ولي العهد، الدور الريادي الذي تقوم به المملكة في استقرار أسواق الطاقة، وفي نفس الوقت قيادة الحقبة الخضراء القادمة، مشيراً إلى أن “مبادرة السعودية الخضراء “، و ” مبادرة الشرق الأوسط الأخضر”، ترسمان توجه المملكة والمنطقة في حماية الأرض والطبيعة ووضعها في خارطة طريق ذات معالم واضحة وطموحة وستسهمان بشكل قوي في تحقيق المستهدفات العالمية. كما ستستمر المملكة خلال العام القادم وعلى المدى المتوسط والطويل في زيادة جاذبية اقتصاد المملكة كقاعدة للاستثمارات المحلية والأجنبية، وتنويع الاقتصاد عن طريق تطوير القطاعات الواعدة كالسياحة والتقنية والصناعة والتعدين.