مِن أصعب مايمكن أن يواجهه المرء الاهتراء الداخلي، أو بمعنى أوضح أن تبدو ملامحك سليمةً بينما في داخلك براكين ثائرة، تحرق حُممها جَوفك، وتُذيبُ صُهارتها وجدانك، دون أن يشعر بذلك أحد.
وفي الوقت الذي تتنَفَّس فيه بصعوبة، يريدك الآخرون أن تضحك، وأن تنشر السعادة فيمن حَولك، وأن تكون مبادرًا مهتمًّا بكلّ شيء.
عِندمَا لا تَشكو أو تتذَمّر سيفترض الجميع أن تكون مثاليًّا، أو أنّك في أفضل حالاتك، وليس ذلك إلاّ لأنّك آثرتَ أن تَنأى بِحُزنِك، وتُجَنِّب مَن حَولك سَخَام البَراكين النَّشِطة.
لا شَكّ أنَّك مأجور بإذن الله، ثقَةً في كَرم الله ورحمتِه، ولكن ابحث عَن قلبٍ يَحتويك في حالتك هذه، وصَدرٍ يضمُّك بَردُه وسلامُه، وإياكَ أن يكون ذاك الشَّخص أمَّك.
سَتَجدُ شَخصًا يسافرُ بك بعيدًا، إلى عَالمٍ افتراضيّ ترسم مَلامِحه أنت، وتسلو نَفسُك معه، وسيُذيبُ الجَليدَ الذي يُطفِئ كُلَّ حُرقَةٍ عانيتَها، ويُلَملِمُ ماتَشَتت منك، ولأكون صَادِقًا معك، رُبَّمَا لَن تَجِدَه حتى تَمُرَّ بعَشَرات الخَيبات، وتَعبُر جِسر التَّجريب مرارًا، في ذلك الوقت ستكون قويًّا بما يكفي لاقتلاعِ شجرة الحَنينِ من جذورها، ولن تنظرَ لدموعِ عيونِ أحد، وسَتُريقُ فَضلَتَكَ من المَاءِ على عَتَبَاتِ الظامئين.
بقلم الاستاذ/ محمد عبدالخالق ال محفوظ الشمراني
أدارة التربية والتعليم بمحافظة القويعية