رئيس التحرير : علي بن صالح الشمراني
صحيفة شمران الإخبارية

كينونة

6472
+ = -

يسيء أو يخطئ شخص ما، فيبدأ الخندقان بالتنابز، وتبدأ الأصوات بالتعالي، ويعم الضجيج، ويبدأ الغوغاء من الخندقين في المنافحة والدفاع من جانب، وبالتهكم والاستعداء بما سيؤول إليه مصير ذلك المخطئ في الجانب الآخر، والتشفي به وبخندقه فيما يشبه مسرحية من مسرحيات الكوميديا السوداء المثيرة للضحك التي أصبحت مقروءة الفصول حتى قبل أن تبدأ من الأساس. خندق يحمل لواء الدفاع عن المسيء على اعتبار أنه لم يقل إلا الحق وبوصفه بريئا من كل ما اُتّهم به، وخندق يحاول إلغاء المتهم من الوجود الإنساني، متمنيا نفي خصمه من واقع الحياة إن أمكن. وكما هو معلوم وبشهادة غير المسلمين، أن الإسلام كأعظم دين يضمن المساواة في الحقوق حتى مع غير المسلمين، وكدين شامل وصالح لكل زمان ومكان، سعى لإرساء موازين القسط ودعائم العدل ورفع الظلم حتى عن الذين اختلفنا معهم في الدين. قدم للأمة وللعالم أجمع أول وأفضل وثيقة لحقوق الإنسان، لن ولم تكتبها منظمات حقوق الإنسان الانتقائية. يظهر هذا جليا في جميع الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة التي تحدد علاقة الإنسان بمجتمعه المدني وتضع أمامه المبادئ والأسس القانونية التي تحفظ حقوق الأفراد والجماعات، ولا تخضع إلى الأهواء ونزعات النفس البشرية وعاطفتها الهوجاء كما في قوله تعالى (ولا يجرمنكم شنآن قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى).
تأتي قضية أبو فروة كنموذج فاقع الألوان لما ذكرت آنفاً. ففي هذه القضية انقسم الفريقان إلى قسمين، وهما بالطبع القسمان المذكوران في أول المقال. ولو طبقنا ما أقره الدين على هذه القضية على سبيل المثال لوجدنا أن المتهم الذي تثبت إدانته بحكم شرعي يجب أن ينال جزاءه الذي أقره الحكم بغض النظر عن كينونة هذا الشخص أو عرقه أو توجهه أو بقعته أو تياره كأي حكم لأي شخص مذنب، وهناك تنتهي الخصومة لنفتح بعدها صفحة جديدة لحياة طاهرة من ذلك الذنب، فلا حقد ولا عداء ولا شماتة ولا بغضاء، ويبقى أخا لنا في الدين، وإن أخطأ وأذنب فإنه قد نال الجزاء والعقوبة جراء فعله عبر القضاء الشرعي، وفي هذا استلهام للنهج الديني والسيرة المطهرة كما في حديث النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- الذي قال “لا تكونوا عونا للشيطان على أخيكم”، وحق التقاضي مكفول للجميع، فإن رأى أحد أنه أو غيره أخطأ في المستقبل فأبواب المحاكم مفتوحة. لو أن الإسلام العظيم لم يفصل بين الفعل والفاعل، بين المذنب والذنب، لما أصبح هناك عشرة مبشرون بالجنة على اعتبار أنهم كانوا كفارا قبل أن يسلموا ويحسن إسلامهم.
أما فيما يخص المتعاطفين مع المتهم الذي أدانه القضاء فلقد ثبت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال “والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”، عندما أراد الصحابي الجليل أسامة بن زيد أن يشفع في المرأة المخزومية التي سرقت. ولزاما علينا تذكيرهم بقوله صلى الله عليه وسلم: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”، حتى نعلم وندرك نبل هذا الدين، وفي هذا تغليب للمصلحة العامة على حساب الفرد المذنب، وأن للناس شعورا وأحاسيس، فهم مسلمون وبشر مثلنا. وقوله عليه الصلاة والسلام أيضا “إِن دِمَاءَكم وَأَموالَكم وأعراضكم بينكم حرامٌ كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بلدكم هذا”. من حسن الخلق أيها التياران أن تكون معركتكم معركة شرفاء وليست صراع حذف واجتزاء ووقيعة وشحناء، ومجالا لتصفية الحسابات، وأرضا محروقة تأتي على كل القيم النبيلة لا تبقي ولا تذر من أخلاق المتخاصمين ومروءة وحلم وورع العربي التي قد قرأتموها في قصص السالفين، مروءة عنترة، وحلم الأشج بن قيس، وورع أبي العتاهية.

الوسم


أترك تعليق

Blue Captcha Image
Refresh

*

تابعنا على تويتر
مواليد شمران المزيد

عبدالله يضيء منزل الدكتور /خلف بن عبدالله ال خليفة الشمراني

الزيارات :
عبدالله يضيء منزل الدكتور/ خلف بن عبدالله آل خليفة الشمراني رزق الدكتور/ خلف بن عبدالله بن خلف آل خليفة الشمراني ( ...

غيم تمطر بالفرح بمنزل الأستاذ احمد بن عيد بن حزمي الشمراني

الزيارات :
مع هطول الامطار وتباشير الفرح فقد رزق الاستاذ احمد بن عيد بن حزمي الشمراني بمولودته التي احب ان يطلق عليها اسم ...

سعيد يضيء منزل الاستاذ / أحمد بن سعيد بن مسفر آل مقبول الشمراني

الزيارات :
رزق الاستاذ / أحمد بن سعيد بن ال مقبول الشمراني ( ال حارثية شمران) هذا اليوم بمولود جعله الله من مواليد السعادة ومن ...

المهندس محمدبن عايض بن محمد بن غرم الله الشمراني يرزق بمولوده جديدة

الزيارات :
رزق المهندس محمدبن عايض بن محمد بن غرم الله الشمراني ” ال حارثية شمران” بمولوده جديد اتفق هو وحرمه على تسميتها دانه ...

محمد يضيء منزل الأستاذ/مصلح بن محمد بن احمد الشمراني

الزيارات :
رزق الاستاذ مصلح بن محمد بن احمد(التليبي )الشمراني بمولود اطلق عليه اسم محمد مسمى على جده محمد بن احمد صحيفة شمران ...
انفوجرافيك المزيد
  • الزوار

    1933054
    Users Today : 1523
    This Month : 41026
    This Year : 551890
    Total Users : 1933053
    Views Today : 10079
    Total views : 32072805
    Who's Online : 31