الامتنان هو تلك القوة الصغيرة التي تحمل في طياتها الكثير من العظمة. على الرغم من بساطتها فإنها تمتلك القدرة على تحويل حياتنا وتجعلها أكثر سعادة وإشراقًا.
الامتنان يعبر عن الشعور بالشكر والامتنان نحو شخص ما أو نحو الأحداث أو الظروف التي تحدث في حياتنا. إنه الاعتراف بالخير الذي تلقيناه والتقدير لذلك الخير والمساعدة التي نحصل عليها من الآخرين. الامتنان يمكن أن يكون مصدرًا للسعادة والرضا الداخلي ويعزز العلاقات الإيجابية مع الآخرين.
عندما نمارس الامتنان نفتح قلوبنا لنستقبل الخير من حولنا بكل تواضع وشكر. إنها ليست مجرد كلمات نقولها بل هي حالة ذهنية وقلبية نعيشها يوميًا. فعندما نشعر بالامتنان نكون أكثر قدرة على تقدير الصغير والكبير في حياتنا سواء كانت ذلك لحظات الفرح الصغيرة أو للدروس القاسية التي نتعلمها.
ودعوني أضرب مثالا على كيفية تطبيق فن الامتنان كأسلوب حياة:
عندما تستيقظ كل صباح توقظ قلبك بالشكر والامتنان لهذه اللحظة الجديدة من الحياة. اشكر على نعمة الصحة والحياة وعلى وجود الأحبّاء حولك. ثم خلال يومك كلما واجهت تحديات أو صعوبات حاول أن تجد الجانب المشرق والسبب للامتنان. على سبيل المثال إذا واجهت مشكلة في العمل فكن شاكرًا على الفرصة لتعلم المزيد وتطوير نفسك أو إذا كان هناك تأخير في الطريق إلى المنزل فكن ممتنًا للوقت الإضافي للاستماع لشيء مفيد أو مسلي.
هذا المثال يظهر كيف يمكن استخدام الامتنان لتغيير تصوراتنا حول الأحداث اليومية والتعامل معها بإيجابية.
إن الاهتمام بالامتنان يعزز الرضا الداخلي والسعادة حيث يساعدنا على رؤية الجمال والنعمة في كل شيء حولنا حتى في وجود التحديات والصعاب. إنه يمنحنا قوة الإيجابية لمواجهة الصعوبات والتغلب عليها بعزيمة وثقة.
ودعوني أطرح مثالًا آخر على كيفية تطبيق فن الامتنان في موقف شخصي:
في يوم من الأيام وأنا في طريقي إلى حضور دورة تدريبية من العمل وقعت حادثة سيارة مفاجئة وتسببت في تأخيري لموعدي بشكل كبير بل وغيابي لذلك اليوم. في البداية شعرت بالغضب والإحباط ولكن بعد لحظات من التفكير قررت تغيير نظرتي تجاه الوضع.
بدأت أشعر بالامتنان على أن الحادث لم يكن أكثر خطورة وأنني لم أصب بأذى. ثم بدأت أفكر في الفرصة للاستمتاع ببعض الوقت الهادئ لنفسي بعيدًا عن صخب العمل وضغوطات الحياة اليومية. كما أشعرت نفسي بالامتنان للتأمين الذي سيتولى تكاليف إصلاح سيارة الطرف الاخر ثم بدأت للتخطيط كيف يمكن أن أخرج من هذه الأزمة بأقل التكاليف وبعدها تلقيت الدعم من عائلتي وزملائي لكي أخرج من هذه الأزمة.
وبهذا تحولت تلك التجربة السلبية إلى فرصة لأمارس فن الامتنان وأفهم قيمة الحياة والصحة والدعم الاجتماعي الذي أحظى به.
الامتنان هو القوة الدافعة التي تجعلنا نرى الحياة بعيون مشرقة وقلوب ممتلئة بالسرور. فعندما نعيش حياة الامتنان نميل إلى التركيز على الإيجابيات ونغفل عن السلبيات. يُعتبر الامتنان نوعًا من التمرين العقلي والعاطفي يمكننا تطويره وتعزيزه يوميًا من خلال ممارسة الشكر والتقدير لكل ما نمتلك.
فلنتذكر دائمًا أن الحياة قصيرة وثمينة وأن كل لحظة تستحق أن نشكر الله عليها ونمتن للنعم التي نتلقاها.

بقلم الكاتب/ عبدالله بن مسفر الشمراني _ الرياض