رئيس التحرير : علي بن صالح الشمراني
صحيفة شمران الإخبارية

( سترة نجاة بلا داعي ) للكاتب/ عبدالله بن مسفر الشمراني

3591
+ = -

في حياتنا اليومية، نجد أنفسنا أحيانًا نتحصن وراء احتياطات لم يفرضها علينا الواقع، وكأننا نرتدي “سترة نجاة” ونحن على أرض صلبة أو نبحر في مياه هادئة لا تهددنا أمواجها. هذا المعنى عبر عنه أحد الكُتاب بعبارة: “سترة نجاة لبحار لم تغرق سفينته” يلتقط هذا الشعور بدقة، ليعكس سلوكيات قد تبدو غير منطقية أو زائدة عن الحاجة في سياقها.
من الطبيعي أن يسعى الإنسان للاستعداد للمجهول، فالتخطيط والاستباق هما جزء من قدرتنا على البقاء وتجنب الأزمات. ولكن في بعض الأحيان، يصبح هذا التحصن استعدادًا مفرطًا، وكأننا نضع سترة نجاة قبل حتى أن تظهر علامات الخطر. هنا، يظهر الخيط الرفيع بين الاستعداد الحكيم والقلق الذي قد يُثقل حياتنا.
الوقاية مبدأ معروف، وهي خير من العلاج، كما يقول المثل الشهير. ولكن عندما يصبح التحصن ضد كل المخاطر المحتملة هوسًا، فإنه قد يؤدي إلى حياة مليئة بالقيود والعوائق الذاتية. الخوف من المجهول قد يجعلنا نعيش تحت ضغط دائم، نخشى ما قد يحدث حتى وإن كان الاحتمال ضئيلًا. نبدأ في التخطيط لكل تفصيل، حتى التفاصيل التي لم تأتِ ولم تلوح في الأفق.
تخيل بحارًا يرتدي سترته، ينظر إلى البحر الهادئ بعين متوجسة، رغم أن السفينة تبحر بثبات. هذا البحار قد لا يتمكن من الاستمتاع برحلته أو الاستفادة من هدوء البحر، لأنه منشغل بما قد يأتي من مخاطر، حتى وإن كانت بعيدة.
القلق الزائد من المجهول يمكن أن يحد من إمكانيات الفرد ويمنعه من اتخاذ خطوات جريئة أو من استغلال فرص قد تظهر أمامه. على سبيل المثال، الخوف من الفشل قد يمنع الشخص من الإقدام على مشروع جديد، رغم أن جميع المؤشرات تشير إلى نجاح محتمل. هذا الحذر المفرط قد يشل القدرة على المخاطرة المحسوبة، وهي جزء لا يتجزأ من النجاح والنمو.
عندما نعيش في ظل سترة نجاة نفسية، نبدأ في تضخيم المخاطر الصغيرة أو حتى المتخيلة، وننسى أن جزءًا من الحياة يتطلب الشجاعة والمواجهة. القلق، في جوهره، يمكن أن يكون مفيدًا في حالات معينة، لكن عندما يصبح حاجزًا يعوق التقدم والتجربة، يصبح عبئًا ثقيلًا.
إذًا، كيف نحقق التوازن بين الاستعداد المنطقي وعدم الوقوع في فخ القلق الزائد؟ الجواب يكمن في الوعي الذاتي والتقييم العقلاني للمواقف. ينبغي علينا أن نكون قادرين على تحديد المخاطر الحقيقية من الوهمية، وأن نتعلم كيف نثق في قدرتنا على التعامل مع المفاجآت والتحديات عندما تحدث.
على سبيل المثال، في الأعمال والمشاريع، التخطيط الجيد هو مفتاح النجاح، ولكن لا يجب أن يتحول التخطيط إلى شلل. علينا أن ندرك أن جزءًا من أي رحلة هو مواجهة المخاطر والتعامل معها بشكل عملي، دون تضخيم أو تهويل.
“سترة نجاة لبحار لم تغرق سفينته” هو تعبير يذكرنا بأهمية التوازن في حياتنا. يجب أن نكون مستعدين ومتيقظين، لكن دون أن نغرق في قلق مفرط يجعلنا نتردد في خوض تجارب جديدة أو الاستمتاع بالحاضر. الحياة مليئة بالتحديات والمفاجآت، ولكنها أيضًا مليئة بالفرص والجمال الذي ينتظر من يملك الشجاعة ليخوض غمارها.

بقلم الكاتب/ عبدالله بن مسفر الشمراني _ الرياض

الوسم


أترك تعليق

Blue Captcha Image
Refresh

*

تابعنا على تويتر
مواليد شمران المزيد

عبدالله يضيء منزل الدكتور /خلف بن عبدالله ال خليفة الشمراني

الزيارات :
عبدالله يضيء منزل الدكتور/ خلف بن عبدالله آل خليفة الشمراني رزق الدكتور/ خلف بن عبدالله بن خلف آل خليفة الشمراني ( ...

غيم تمطر بالفرح بمنزل الأستاذ احمد بن عيد بن حزمي الشمراني

الزيارات :
مع هطول الامطار وتباشير الفرح فقد رزق الاستاذ احمد بن عيد بن حزمي الشمراني بمولودته التي احب ان يطلق عليها اسم ...

سعيد يضيء منزل الاستاذ / أحمد بن سعيد بن مسفر آل مقبول الشمراني

الزيارات :
رزق الاستاذ / أحمد بن سعيد بن ال مقبول الشمراني ( ال حارثية شمران) هذا اليوم بمولود جعله الله من مواليد السعادة ومن ...

المهندس محمدبن عايض بن محمد بن غرم الله الشمراني يرزق بمولوده جديدة

الزيارات :
رزق المهندس محمدبن عايض بن محمد بن غرم الله الشمراني ” ال حارثية شمران” بمولوده جديد اتفق هو وحرمه على تسميتها دانه ...

محمد يضيء منزل الأستاذ/مصلح بن محمد بن احمد الشمراني

الزيارات :
رزق الاستاذ مصلح بن محمد بن احمد(التليبي )الشمراني بمولود اطلق عليه اسم محمد مسمى على جده محمد بن احمد صحيفة شمران ...
انفوجرافيك المزيد
  • الزوار

    1931439
    Users Today : 1784
    This Month : 39412
    This Year : 550276
    Total Users : 1931439
    Views Today : 21414
    Total views : 32061111
    Who's Online : 53