تصوير/ أحمد الحميد: تلخص هذه الصورة المعبرة لشاحنة نقل المياه “الوايت” القديمة المتعطلة منذ زمن، والتي يعتريها الصدأ في إحدى مزارع القصيم جزءاً مهماً من تاريخ نقل المياه في المملكة، وتكشف لنا لمحة بسيطة لكنها عميقة عن التحولات الكبيرة، والمراحل المختلفة التي تبرز فيها عزيمة وإرادة السعوديين، وإصرارهم على التمسك بأرضهم، وتوفير مياه الشرب الشحيحة، والصمود في مواجهة التحديات الصعبة، ونقلهم مياه الأمطار، والآبار، والأفلاج، والسدود التقليدية، عبر شاحنات نقل المياه “الوايتات” أو ما يسمى شعبياً بـ”الحصنية” لدعم متطلبات حياتهم البسيطة منذ الخمسينيات الميلادية مع بدء دخول السيارات إلى المملكة؟
وقد اسهمت هذه “الوايتات” في تلبية الاحتياجات الملحّة من المياه الصالحة للشرب والزراعة، ودعم متطلبات الحياة، ونقلها لمسافات طويلة عبر الطرق الصحراوية، والجبلية الوعرة غير المعبدة لسنوات طويلة، مما ساعد في حل إشكاليات ندرة المياه والجفاف، واستمرت “وايتات المياه” تلعب دورها المهم حتى تم إطلاق مسارات التنمية في منتصف القرن العشرين، وتحسن نظام نقل المياه، وتعبيد الطرق، وقامت الدولة بتطوير نظام النقل بشكل كبير مع بناء مشاريع عملاقة لتحلية ولنقل المياه لمختلف مناطق المملكة.
واليوم، ومع تميز المملكة كدولة رائدة في إدارة الموارد المائية، بفضل استثماراتها في مشاريع التحلية والنقل، مما أسهم في تأمين المياه بشكل مستدام رغم التحديات المناخية والجغرافية، لا يمكن أن ننسى دور “الوايتات” في تلبية متطلبات السعوديين من المياه في زمن ندرت فيه قطرة الماء.
وهنا نستذكر أيضاً كلمة مهمة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، خلال قمة “المياه الواحدة” التي عقدت على هامش مؤتمر الأطراف COP16 بالشراكة مع السعودية، والتي اختتمت قبل أيام بالرياض، وقال فيها: “هذه القمة تعكس عزمنا، وإصرارنا على مواصلة العمل المشترك لمواجهة التحديات البيئية المتعلقة بندرة المياه والجفاف، والمملكة تقدم تمويلاً تجاوز 6 مليارات دولار لدعم أكثر من 200 مشروع إنمائي في قطاع المياه في أكثر من 60 دولة نامية حول العالم، والمملكة تعلن تأسيس منظمة عالمية للمياه مقرها الرياض، تهدف إلى تطوير وتكامل جهود الدول والمنظمات لمعالجة تحديات المياه بشكل شمولي، ومعالجة قضايا متعلقة بالمياه على مستوى العالم، من خلال توحيد الجهود الدولية، وإيجاد الحلول الشاملة للتحديات المائية”.
المصدر: سبق